Hanin Ila Kharafa
الحنين إلى الخرافة: فصول في العلم الزائف
Noocyada
اكتشف نمطا في حدوث حمى النفاس بين النساء اللائي قام بتوليدهن أطباء فرغوا لتوهم من عملية تشريح. ومن ذلك أن تشارلس داروين عاين نظاما في توزع الأنواع المختلفة من العصافير في الجلاباجو، وهذا الاستبصار هو ما دفع تفكيره عن التطور والانتخاب الطبيعي.
نعم، يفيدنا الميل إلى التماس نظام وتبين أنماط، يفيدنا بالغ الفائدة، وبخاصة إذا أخضعنا حدوسنا التي تتولد عن ذلك لاختبار أكثر صرامة (مثلما فعل سيميلويس وداروين مثلا)، غير أننا في كثير من الأحيان نعامل نتاج هذا الميل لا كفرضيات بل كحقائق ثابتة. إن استعدادنا لإضفاء النظام قد يكون من الفورية والجموح بحيث ينتهي بنا في أحيان كثيرة إلى الاعتقاد في وجود ظواهر لا وجود لها البتة. (1-1) تثبيت إدراكاتنا الخاطئة بنظريات علية
إن عجزنا عن تمييز ترتيبات عشوائية للأحداث قد يحملنا على الاعتقاد بأشياء غير حقيقية، فنرى أن شيئا ما هو شيء مرتب ومنظم وواقعي بينما هو في الحقيقة عشوائي ومختلط ووهمي، وبذلك يكون أداؤنا في واحدة من المهام الأساسية في إدراك العالم وفهمه، ونعني مهمة تحديد ما إذا كان ثمة ظاهرة هناك تستدعي الانتباه والتفسير، يكون أداؤنا في ذلك قاصرا غير محكم.
كما أننا ما إن يخامرنا شعور بوجود ظاهرة ما حتى يواتينا تفسيرها ومعناها دون عناء يذكر؛ فنفسر لماذا توجد هذه الظاهرة وماذا تعني ولا نجد في ذلك أي صعوبة. لقد برع بنو البشر براعة منقطعة النظير في عملية «التفسير الاحتيالي»
ad hoc explanation
أو الغرضي، وقد أثبت البحث أن الناس إذا دفعت إلى الاعتقاد الخاطئ بأن أداءهم أعلى أو أقل من المتوسط في مهمة معينة فإن بمقدورهم تفسير أدائهم المرتفع أو المتدني دون صعوبة . وإذا طلب منهم تعليل كيف تؤدي خبرة طفولية من قبيل الهروب من البيت إلى مآلات متفاوتة كالانتحار أو العمل في فيلق السلام؛ فإن بوسعهم أن يقدموا التعليل على نحو فوري ومقنع للغاية. أن تعيش - فيما يبدو - يعني أن تفسر وتبرر وتجد اتساقا بين شتى الحصائل ومختلف الخصائص ومتباين العلل. لقد تعلمنا بالممارسة أن نؤدي هذه المهام بسرعة وكفاءة.
ثمة دراسة بحثية في مرضى الدماغ المنقسم
split-brain patients
4
تقدم لنا عرضا مثيرا لبراعتنا في «التفسير الاحتيالي»
Bog aan la aqoon