قلت: «بل إن التشاؤم أحد صفاتي.»
ولا أدري لماذا يثير الرجل حزن المرأة؟ لعله يرى فيه نوعا من الضعف أو الأنوثة! ورأيته يقترب مني أكثر، ويأخذ يدي في يديه ويقبلها، وهمس قائلا: «أحبك.» وكأنني لم أسمع كلمته، ولم أحس قبلته، فلم تهتز خلية واحدة في جسمي، وشعرت بالصقيع يحوطني من داخلي وخارجي، ولم أجد في نفسي شيئا من الحرارة، حتى لأسحب يدي من يده.
كان عقلي قد تجمد عند فكرة الموت، ووقف عندها ينظر إلى الحياة شزرا، ويرى كل ما فيها تافها حتى الحب؛ فلا هو يعارض، ولا هو يحبذ، يستسلم لما يحدث في سلبية مطلقة تشبه الموت.
ورأيته يبتعد عني، ثم يقول: «أنت لا تحبينني.»
وقلت: «إن الموت ...» وقاطعني قائلا: «لا ... لا تقولي الموت، الموت لا يغير شيئا من الحب.»
وسكت، ورحت أفكر وأبحث في زوايا نفسي، عن حبي له، لكني لم أجد شيئا، كأنما تبخر حتى آخر قطرة.
وقلت في عجب: يا إلهي! إن الموت أقوى من الحب.
وسمعته يقول: «بل الحب أقوى من الموت، إذا كان حبا حقيقيا. أما إذا كان وهما، فإنه يبهت ويتلاشى بجوار لون قوي صارخ كلون الموت.» وودعني وهو يقول: أرجو أن تقابلي حبك الحقيقي يوما ما لتصدقي كلامي.
لم أصدقه في ذلك اليوم، لكني أحسست بشعور خفي، ينبئني بأنني سأصدقه يوما ما.
سوسن
Bog aan la aqoon