Hamayan Zad
هميان الزاد إلى دار المعاد
إن الصنيعة لا تكون صنيعة حتى يصاب بها طريق المصنع
ويجوز أن يقال أجاب عن الله الأول أيضا بقوله { قل ما أنفقتم من خير } ، وكأنه قيل المنفق مطلق الخير والمنفق عليهم هؤلاء، والخير المال الحلال لا يطلق الخير على المال إلا إذا كان حلالا، وقدم الوالدين، لأنهما أحق لأنهما سبب وجود الولد ومربياه، ثم الأقربين، لأنه لا يقوم بمصالح الفقراء كلهم، فقدموا لقرابتهم، ثم اليتامى، لأنهم ضعفاء لا يطيقون الكسب ثم المساكين، لأن حاجتهم دون حاجة اليتامى، وأخر ابن السبيل، لأنه أمر يعرض، وقد يكون له مال معه، أو فى بلدة يتسلف إليه، والمراد بالخير الثانى فى قوله { وما تفعلوا من خير } العمل الصالح من إنفاق وغيره، وقوله { فإن الله به عليم } ، كناية عن المجاراة، والآية فى صدقة التطوع، وقال قوم منهم ابن مسعود فى الزكاة الواجبة ونسخ منها الوالدان والأولاد، إذ لا يعطى الرجل أباه وأمه وولده الزكاة على ما تقرر فى الفقه، وعن السدى نزلت قبل فرض الزكاة ثم نسختها آية الزكاة. والصحيح أنها فى الصدقة التطوعية، ولا نسخ فيها وهو قول الجمهور، وعليه ابن جريح والحسن البصرى، وابن زيد فإن النسخ مبنى على منافاة المنصين ولا منافاة هنا، لجوار أن تكون الآية حثا على بر الوالدين وصلة الأرحام وقضاء حاجات ذوى الحاجات تطوعا أو بيانا لمن يجب إنفاقه للحاجة، ولو قيل أنها فى الزكاة لجاز وعليه فخصوا بالذكر تمثيلا لا حصرا، فلا ينافى إيجاب الزكاة، وإن مصارفها ثمانية أو سبعة، بناء على إسقاط سهم المؤلفة، لانتهاء الحكم بانتهاء علته، وعنه صلى الله عليه وسلم
" ألا أنبئكم بأفضل خمسة دنانير؟ هو الذى تنفقه على والدتك، وأفضل الأربعة الذى تنفقه على والدك، وأفضل الثلاثة الذى تنفقه على ولدك وزوجك وعيالك، وأفضل الدينارين الذى تنفقه على ذوى قرابتك، وأقلها أجرا تنفقه فى سبيل الله ".
[2.216]
{ كتب عليكم القتال } هو محكم ناسخ لترك قتال المشركين، وقيل منسوخ بقوله
وما كان المؤمنون لينفروا كافة
وقيل ناسخ لترك القتال منسوخ لعموم بقوله { وما كان المؤمنون } الآية. { وهو كره لكم } أى مكروه فى نفوسكم طبعا للموت به والمشقة فيه فكره مصدر بمعنى مفعول أخبر به عن ضمير القتال، أو مجازا كالخبرية عن المجوز مبالغة كأن القتال فى نفسه كراهة لفرط كراهتهم له، وقرأ السملى بفتح كافه على أنه لغة فى المضموم كالضعف والضعف، ويجوز أن يكون بمعنى الإكراه مجازا، إطلاقا للإكراه على المكره عليه، وهذا أنسب بقراءة الفتح، نقل الجوهرى عن الفراء أن الكره بالضم المشقة، وبالفتح الإجبار، وذلك على أن الضمير للقتال، ويجوز عوده إلى الكتب المعلوم من كتب، لأن إيجاب الحكم إجبار عليه، لكن لم يلتفت إلى هذا أحد من المفسرين، لأنه لا يلائمة قوله تعالى { وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم } لأن الملائم لذلك أن يعنى تكرهوا للمفعول، بخلاف ما إذا كان الكره مبالغة، أو بمعنى المكروه فانه يلائم البناء للفاعل، أى عسى أن تكرهوا بالطبع ما أمرتم به أمر وجوب كالقتال أو غير وجوب، وهو منفعة لكم فى الدنيا والآخرة، وزعم بعض أن قوله { وهو كره لكم } بقوله { وقالوا سمعنا وأطعنا } ، وهذا إنما يتم لو كان كراهتهم امتناعا ثم زال امتناعهم. { وعسى أن تحبوا } بالطبع شيئا وهو ما نهيتكم عنه تحريما أو تنزيها وهو شر مضره لكم فى الدنيا والآخرة، ومن ذلك القتال، فإنه مكروه فى النفس وفيه الغنيمة والطهارة من الذنوب، وموت الشهادة والثواب والغلبة والعز، والنفس تحب تركه، وفى تركه الذل، وعدم ما ذكر. قال الحسن إذا أتيت ما أمر الله سبحانه وتعالى به من طاعته فهو خير لك، وإذا كرهت ما نهاك الله عنه من معصية فهو خير لك، فإذا أصبت ما نهاك الله عنه من معصية فهو شر لك، وإذا كرهت ما أمر الله به من طاعة فهو شر لك ، وهذه الآية ناسخة لكل نهى عن القتال. وزعم الكلبى أنه كان الجهاد فريضة، فلم يقبض رسول الله حتى أظهر الله الإسلام، وصار الجهاد تطوعا ناسخا بقوله
وما كان المؤمنون لينفروا كافة
فإن جاء المسلمين عدو لا طاقة لهم به تحيزوا إلى البصرة، وكان الكلبى بالبصرة، فإن جاءهم عدو لا يطاق تحيزوا إلى الشام، وإن جاء عدو لا يطاق تحيزوا إلى المدينة، ولا تحيزوا بعد ذلك، وصار الجهاد فريضة، ويرى الكلبى الجهاد فرضا كلما كان الإسلام يهون بتركه، إذا ولم يحتج الإمام إلى الناس كلهم جاز لمن يقعد أن يقعد إن تركه الإمام، ولم يكن فى قعوده خذلان للإسلام، ويهرب الواحد لثلاثة إن شاء، وعن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
" الجهاد واجب عليكم مع كل أمير برا كان أو فاجرا "
Bog aan la aqoon