Hamayan Zad
هميان الزاد إلى دار المعاد
" كان أهل الجاهلية لا يفيضون من جمع حتى تطلع الشمس، ويقولون أشرق ثبير، فخالفهم النبى صلى الله عليه وسلم فأفاض قبل طلوع الشمس ".
{ واذكروه } بالتوحيد والتعظيم وسائر الأذكار. { كما هداكم } مناسك الحج ومعالم دين الإسلام، قال ابن هشام التعليل بالكاف فى الآية ظاهر، أى لأجل هدايته إياكم، وما مصدرية، قاله جماعة وهو الأظهر. وزعم الزمخشرى وابن عطية وغيرهما كابن برهان، أن { ما } كافة، ورد ابن هشام بأن فيه إخراج الكاف عما ثبت لها من عمل الجر لغير مقتض، قال زكرياء وفيه نظر. قلت الحق ما قال ابن هشام، لأن الجر بالكاف أصل، والغاءها فرع بإجماع، فكيف يدعى خروجها عن الجر يجعل ما كافة دون دليل مع إمكان إبقائها على الأصل بجعل ما مصدرية ومجئ الكاف للتعليل مذهب قوم، ونفاه الأكثر، وأثبته بعض بشرط أن تكف بما قال ابن هشام الحق جوازه فى المجرة من ما نحو وبكأنه لا يفلح الكافرون أى أعجب لعدم فلاحهم، وفى المقرونة بما الكافة كحكاية سيبويه، كما أنه لا يعلم فتجاوز الله عنه، وبما المصدرية نحو { كما أرسلنا فيكم رسولا }.
. الآية. قال الأخفش أى لا حل إرسالى فيكم رسولا منكم فاذكرونى، وقال بعض الكاف فى آية البقرة للتشبيه، والكلام من وضع الخاص موضع العام، إذا الذكر والهداية يشتركان فى أمر وهو الإحسان، فهو فى الأصل بمنزلة { وأحسن كما أحسن الله إليك } انتهى كلام ابن هشام أى اذكروه ذكرا حسنا شبيها بهدايته إياكم فى الحسن، وقد منع صاحب المستوفى أن تكون الكاف مكفوفة بما واحتج مثبته بقوله
لعمرك إننى وأبا حميد كما النسوان والرجل الحليم أريد هجاءه وأخاف ربى وأعلم أنه عبد لئيم
برفع ما بعد ما ولا يشكل هذا إذا سلمنا فيه الكف لوجود الرفع فيه، فهو دليل الكف بخلاف الآية، بل يحتمل أن تكون ما مصدرية، أى كما تفعل النسوان والرجل الحليم إذ لا يتعين تقدير كما النسوان والرجل الحليم يفعلان أو يفعلون. { وإن كنتم من قبله لمن الضالين } عن دين الإسلام ومعالم الحج، وإن مخففة، واللام فارقة بين الإثبات والنفى، أو نافية واللام بمعنى الأوبة، قال الكوفيون والهاء عائدة إلى الهدى المدلول عليه بهداكم وهذا أولى من عودها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو القرآن، لأنه لم يجر لهما ذكر.
[2.199]
{ ثم أفيضوا } خطاب لسائر المسلمين. { من حيث أفاض الناس } أى من موضع إفاضة الناس، وهو المشعر الحرام، أمرهم أن يفيضوا منه إلى منى فى طريق الأفاضة، كما أفاض الناس قبلكم آدم وإبراهيم وإسماعيل وأتباعهم. وهذا ما ظهر لى ، فتكون ثم على أصلها من الترتيب فى الزمان بلا مهلة لاتصال الإفاضة بالوقوف فى المشعر الحرام، أى بمهلة باعتبار مبتدأ الوقوف فيه، أو باعتبار التهيؤ للرحيل منه، ومرادى بالوقوف فيه الحصول فيه للعبادة، ويجوز أن يكون الخطاب للمسلمين الذين أسلموا حادثا، ومن لم يتعلم منهم أو خالف فى الإفاضة فيكون الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاصة المؤمنين ومن نحا نحوهم أو يكون الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم تعظيما، أو لأنه إمام الناس أو الناس قريش ومن تبعهم، لأنهم كانوا يقفون فى المشعر الحرام لا فى عرفات، ثم يفيضون منه، ثم رأيت فى تفسير ابن جرير الطبرى كون الإفاضة من المشعر الحرام إلى منى كما ذكرت، والحمد لله، ورأيته أيضا قولا فى تفسير القاضى، ومرادى به البيضاوى، حيث ذكرته، وهكذا حيث ذكرت أبا عبيدة فى أمر لغوى، فهو أبو عبيدة معمر بن المثنى، وكذا إذا ذكره المخالفون كابن هشام فى المغنى وغيره، ووهم الشمنى فى حواشيه على المغنى، وقال إنه أبو عبيدة الإباضى ومدحه بالعلم الغزير، والتورع، وهو صادق فى مدحه، وحيث ذكرت أبا عبيدة فى الحديث فهو الإباضى المذكور، شيخ الربيع وتلميذ جابر بن زيد - رحمهم الله ورزقنا الاقتداء بهم - وقال الجمهور المراد بالإفاضة الإفاضة من عرفات إلى المشعر الحرام والخطاب لقريش، والناس هم النبى صلى الله عليه وسلم والمؤمنون، أو الناس مطلقا، أو إبراهيم وإسماعيل وآدم وأتباعهم، أو العرب، وذلك أن قريشا كانوا يقفون بالمشعر الحرام، ولا يقفون مع الناس بعرفات، فأمرهم الله عز وجل أن يقفوا بها مع الناس، بأن أمرهم بالإفاضة منها، لأن الإفاضة منها فرع الحصول فيها، فاللفظ أمر باللازم، والمراد أمر الملزوم وهو الوقوف فيها، وكانت قريش ومن دان بدينها يقفون بالمزدلفة، ويقولون أنحن أهل الله وقطان حرمه، فلا نخلف الحرم ولا نخرج منه، ويتعاظمون أن يقفوا مع الناس، ومعنى لا نخلف الحرم لا نتركه خلفنا، وذلك أن المزدلفة من الحرم، وعرفات خارجة عنه، وكانوا يفيضون من المزدلفة إلى منى، فأمرهم الله أن يقفوا بعرفات ويفيضوا منها كما هو سنة إبراهيم عليه السلام وغيره، وروى البخارى ومسلم عن عائشة رضى الله عنها
" أن قريشا كانوا هم ومن يدين بدينهم يقفون بالمزدلفة، وكانوا يسمون الحمس، وكان سائر العرب يقفون بعرفات، فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأتى عرفات فيقف بها، ثم يفيض منها فذلك قوله تعالى { ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس } "
قال الشيخ هود قال بعض المفسرين كانت قريش وكل ابن أخت لهم وحليف لا يقفون بعرفة، ويقولون نحن أهل الله لا نخرج من حرمه، وكانوا يفيضون من المشعر الحرام وكان الناس فى الجاهلية يفيضون من عرفة قبل غروب الشمس، ومن جمع بعد طلوع الشمس فخالف رسول الله فى الدفعتين جمعيا فأفاض من عرفات بعد غروب الشمس، ومن جمع قبل طلوع الشمس، وكانت تلك سنة إبراهيم وإسماعيل، وقيل المراد الإفاضة من عرفات، والخطاب للمؤمنين، والناس آدم وإبراهيم وإسماعيل وأتباعهم وسائر العرب، أو جمع ذلك. وقيل المراد إبراهيم تعظيما له، أو لأنه إمام الناس، وقيل آدم تعظيما، أو لأنه أبو الناس، قرأ سعيد بن جبير من حيث أفاض الناس بكسر السين، وأصله الناسى حذفت الياء تخفيفا كحذفها فى قوله عز وجل
الكبير المتعال
Bog aan la aqoon