184

Hamayan Zad

هميان الزاد إلى دار المعاد

Noocyada

معترض أو حال مقدرة، أى ادارأتم فيها، والله مقدر لإخراجها بعد، ولا يتركها خفية القاتل، والهاء فى اضربوه عائدة إلى النفس فى قوله

وإذ قتلتم نفسا

والنفس مؤنث كما أنث فى قوله وإنما ذكر هنا للتأويل بالشخص أو بالمقتول أو الإنسان أو للنظر إلى المعنى، لأن المقتول رجل، وقيل النفس يذكر ويؤنث، والمراد بالبعض جزء غير معين، فبأى جزء ضربوه امتثلوا الأمر واختلفوا فى أى جزء ضربوه به، وقيل أمروا بجزء معين، وعلى هذا القول فلم يعين فى الآية مثل أن يقال فقلنا اضربوه بلسانها أو بكذا، لأن الكلام ليس مسوقا فى طريق بيانه، بل فى طريق تهوين الأمر فى قدرته، بأن قال إن ضربه بجزء من البقرة مذبوحة كاف، وعدم التعيين لهم أدخل فى الإعجاز والجزء الذى ضربوه به، سواء عين لهم أو لم يعين هو لسانها، لأنه آلة الكلام والضرب، إنما ليتكلم الميت باسم قاتله وهو قول الضحاك، قال الحسن بن الفضل هذا أولى الأقوال، لأن المراد من إحياء القتيل كلامه، قلت بل كلما بعد الجزء عن مناسبة الحياة كان أدخل فى الإعجاز، لأنه ولو كان المراد إظهار القاتل لكن قصد به الإعجاز أيضا، ولا سيما قد استدل باحيائه على البعث فى الآية بعده، وقيل بلسانها وقلبها، لأن الكلام يكون فى القلب واللسان يعبر عنه، وقال عطاء بن أبى رباح هو العصعص، قيل وهو أولى التأويلات بالصواب، لأن العصعص هو الأساس الذى ركب عليه الخلق، وأنه أول ما يخلق وآخر ما يبلى، وقال مجاهد ذنبها. وقال عكرمة والكلبى فخذها الأيمن. وقال السدى البضعة التى بين كتفيها، وقيل الأذن، وقال ابن عباس بالعظم الذى يلى الغضروف وهو أصل الأذن وهو مقتل. والصحيح أنه غير معين إذ لا دليل على تعينه فى الآية والحديث، وفى الكلام حذف، والتقدير فقلنا اضربوه ببعضها ليحيا ويخبركم بقاتله فضربوه به فقام حيا بإذن الله تعالى، وأوداجه تشخب دما، وقال قتلنى فلان ثم سقط ميتا، فجرم الميراث وقتل به وقيل قال قتلنى فلان وفلان لابنى عمه، فسقط ميتا ثم قتلا وحرما الميراث كذا قيل، ومقتضى شخب أوداجه دما أنه قتل بالذبح والمتبادر من الآية أنهم ضربوه فى جسده، وعن ابن عباس ضربوه قبره وذكر عنه أن أمر القتيل وقع قبل جواز البحر، وأنهم قاموا فى طلب البقرة أربعين سنة، روى أنه كان فى بنى إسرائيل شيخ موسر فقتله بنو أخيه ليرثوه وطرحوه على باب المدينة، ثم جاءوا يطالبون بدمه، فأمرهم الله أن يذبحوا بقرة فيضربوه ببعضها فيحيا فيخبر بقاتله، وكان الشيخ صالح منهم عجلة، فأتى بها موضعا يجتمع فيه الماء وينبت فيه الشجر، وقال اللهم إنى أستودعتكها لابنى حتى يكبر، فشبت وكانت وحيدة بالصفات التى ذكر الله عز وجل فساوموها اليتيم وأمه، حتى اشتروها بملء جلدها ذهبا، وكانت البقرة بثلاثة دنانير فى ذلك الوقت، ولما تبين قاتله حرم الميراث كما قال صلى الله عليه وسلم

" ما ورث قاتل بعد صاحب البقرة "

يعنى أن حرمان القاتل من الميراث مستمر من زمان هذا القاتل الذى فى قصة هذه البقرة. قيل كان فى بنى إسرائيل رجل غنى له ابن عم فقير لا وارث له سواه، فلما طالت عليه حياته قتله ليرثه وحمله إلى قرية أخرى، وألقاه على بابها، ثم أصبح يطلب ثأره وجاء بناس إلى موسى يدعى عليهم القتل فجحدوا، واشتبه أمر القتل على موسى عليه السلام فسألوا موسى أن يدعوا الله ليبين لهم ما أشكل عليهم، فسأل موسى ربه فى ذلك فأمره بذبح بقرة، وأمره أن يضربه ببعضها، قال عطاء والسدى كان فى بنى إسرائيل رجل كثير المال اسمه عاميل، وله ابن عم مسكين لا وارث له غيره، فلما طالت عليه حياته قتله ليرثه، وقال بعضهم كانت تحت عاميل بنت عم له تضرب مثلا فى بنى إسرائيل بالحسن والجمال، فقتله ابن عمها لينكحها، فلما قتله حمله من قرية إلى قرية أخرى فألقاه هنالك. قال عكرمة كان لبنى إسرائيل مسجد له اثنا عشر بابا، لكل سبط منهم باب، فوجد قتيل على باب سبط وجر إلى باب سبط آخر، فاختلف السبطان فيه، وقال ابن سيرين قتله القاتل ووضعه على باب سبط منهم، ثم أصبح يطلب ثأره ودمه ويدعيه عليهم، وقيل ألقاه بين القريتين فاختم فيه أهلها فجاءوا أولياء المقتول إلى موسى عليه السلام وأتوا بأناس وادعوا عليهم القتل وسألوه القصاص، فسألهم موسى وجحدوا، ولم تكن بينة، واشتبه أمر القتيل على الناس، فوقع بينهم خلاف يدعو إلى القتال وذلك قبل نزول المقاسمة فى التوراة، فسألوا موسى عليه السلام أن يدعو الله تعالى ليبين لهم أمر ذلك، فسأل موسى ربه تبارك وتعالى، فأمرهم بذبح البقرة على ما تقدم فى تفسير الآية. قال السدى وغيره كان رجل من بنى إسرائيل بارا بأبيه، وبلغ من بر أبيه أن رجلا أتاه بلؤلؤة فابتاعها منه بخمسين ألفا وكان فيها فضل وربح، فقال البائع أعطنى ثمن اللؤلؤة، فقال إن أبى نائم ومفتاح الصندوق تحت رأسه فأمهلنى حتى يستيقظ وأعطيك الثمن، فقال أيقظ أباك وأعطنى الثمن، فقال ما كنت لأفعل ولكن أزيدك على الثمن عشرة ألاف وأمهلنى حتى ينتبه فقال الرجل أنا أعطيتك عشرة آلاف إن أنت أيقظت أباك وعجلت النقد، فقال أنا أزيدك عشرين ألفا إن أنت انتظرت انتباهه، فقال قبلت، ففعل ولم يوقظ أباه، ولما استيقظ أبوه أخبره، فدعا له وجازاه خيرا، وقال أحسنت يا بنى، وهذه البقرة لك بما صنعت لى، وكانت بقرة من بقية بقر، وكانت له، قال صلى الله عليه وسلم فى هذه القصة

" انظروا ما صنع البر "

وقال ابن عباس، ووهب بن منبه كان فى بنى إسرائيل رجل صالح له ابن صغير، وكانت له عجلة فأتى بها إلى موضع الماء والشجر، وقال اللهم إنى استودعتك هذه العجلة لابنى حتى يكبر، فمات الرجل فشبت العجلة حتى صارت عوانا، وكانت تهرب ممن يرومها، وكان الابن بارا بوالدته، فلما كبر كان يقسم الليل ثلاثة يصلى ثلثا، ويجلس عند رأس أمه ثلثا، وينام ثلثا، فإذا أصبح انطلق يحتطب على ظهره، فيأت السوق فيبيعه بما شاء الله فيتصدق بثلثه ويأكل ثلثه ويعطى أمه ثلثه، فقالت له أمه يوما يا بنى إن أباك ورثك عجلة وذهب بها إلى موضع كذا، واستودعها الله فانطلق إليها، وادع الله أن يردها إليك وإن علامتها إذا نظرت إليها أن يتخيل إليك أن بها شعاع الشمس يخرج من جلدها، وكانت تسمى المذهبة لحسن لونها وصفائها وصفرة لونها، فأتى الموضع فرآها ترعى فصاح عليها فقال أعزم عليك بالله، وروى بإله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، فأقبلت تمشى حتى وقعت بين يديه فقبض على عنقها وقادها، فتكلمت البقرة بإذن الله تعالى، وقالت أيها البار بوالدته اركبنى فإن ذلك أهون عليك، قال الفتى إن أمى لم تأمرنى بذلك، ولكن قالت لى خذ بعنقها، فقالت البقرة وإله موسى وإله بنى إسرائيل لو ركبتنى ما كنت تقدر على أبدا، فانطلق فإنك لو أشرت إلى الجبل أن ينقلع من أصله فينطلق معك لفعل ببرك بوالدتك. فانطلق الفتى بها فاستقبله عدو الله إبليس فى صورة راع، فقال أيها الفتى إنى راع من رعاة البقر اشتقت إلى أهلى فأخذت ثورا من ثيرانى وحملت عليه زادى حتى إذا بلغت شطر الطريق ذهبت لأقضى حاجتى، فتعدى وصعد إلى الجبل وما قدرت عليه، وإنى لأخشى على نفسى الهلكة فإن رأيت أن تحملنى على بقرتك وتنجينى من الموت، وأعطيك أجرتها بقرتين مثل بقرتك، فلم يفعل الفتى وقال اذهب وتوكل، فلو علم منك الصدق لبلغتك بلا زاد ولا راحلة، فقال إبليس لعنة الله، إن شئت بعنيها وإن شئت فاحملنى وأعطيك عشرة مثلها، فقال الفتى إن أمى لم تأمرنى بهذا. فبينما الفتى كذلك إذ طار طائر من بين يديه، ونفرت البقرة هاربة من الفتى، وغاب الراعى فدعاها الفتى باسم إله إبراهيم فرجعت البقرة إليه، وقالت أيها الفتى البار بوالدته ألم تر إلى الطائر الذى طار؟ قال نعم. قالت إنه إبليس لعنه الله اختلسنى، فلما دعوت بإله إبراهيم جاء ملك فانتزعنى منه وردنى إليك لبرك بأمك وطاعتك لها، فجاء بها الفتى إلى أمه، فقالت له أمه إنك فقير لا مال لك ويشق عليك الاحتطاب بالنهار والقيام بالليل، فانطلق وبع هذه البقرة وخذ ثمنها، فقال بكم أبيعها؟ فقلت ثلاثة دنانير، ولا تبعها بغير رضائى ومشورتى، وكان ثمن البقرة فى ذلك الزمان ثلاثة دنانير، فانطلق بها الفتى إلى السوق، فبعث الله تعالى ملكا ليرى خلقه قدرته وليختبر الفتى كيف بره بأمه، فقال له بع هذه البقرة لى فباعها بثلاثة دنانير على رضا أمه.

فقال له الملك أعطيك ستة ولا تشاور أمك. فقال الفتى لو أعطيتنى وزنها ذهبا لم أبع إلا برضى أمى، فردها إلى أمه وأخبرها، فقالت له أمه ارجع وبعها بستة دنانير على رضائى، فانطلق الفتى بالبقرة إلى السوق فأتى الملك إليه، فقال أشاورت والدتك؟ فقال الفتى نعم أمرتنى ألا أنقصها من ستة الدنانير، وعلى أن أستأذنها، فقال الملك إنى أعطيك اثنى عشر دينارا على ألا تستأذنها، فأبى الفتى ورجع إلى أمه فأخبرها بذلك. فقالت إن ذلك الرجل الذى يأتيك هو ملك من الملائكة يأتيك فى صورة آدمى ليختبرك فإذا أتاك فقل أتأمرنى أن أبيع هذه البقرة أم لا؟ ففعل الفتى فقال له الملك اذهب إلى أمك وقل لها امسكى هذه البقرة فإن موسى بن عمران يشتريها لقتيل بنى اسرائيل، فلا تبيعوها إلا على ملء جلدها دنانير، فأمسكوا البقرة وقدر الله سبحانه على بنى إسرائيل ذبح تلك البقرة بعينها مكافأة له على بره بوالدته فضلا منه ورحمة، وذلك قوله تعالى

قالوا ادع لنا ربك...

الآيات فاشتروها بملء جلدها ذهبا. وقال السدى اشتروها بوزنها عشر مرات فذبحوها وضربوه ببعضها، وحيى بإذن الله تعالى، فأوحى الله تعالى إلى الأرض المقدسة فينظر كل قتيل يجدوته بين قريتين أو محلتين فيأخذ أقرب قريتين إليه وليلزمهم الدية، وإن علموا قاتله سلموه، وإن لم يعلموه يحضروا الخمسين رجلا من شيوخهم وصلحائهم، ثم يأخذوا بقرة حولية فيذبحوها ويضعوا أيديهم عليها، ويحلفوا بالله العظيم رب السماوات إله بنى إسرائيل ويعقوب إنا ما قتلناه ولا علمنا له قاتلا، وإذا حلفوا برئوا من ديته، وإن لم يحلفوا أدوا ديته إلى أوليائه، فلم يزل موسى يقضى بالقسامة إلى أن مات عليه السلام، وكذلك بنو إسرائيل حتى جاء الله بالإسلام، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقسامة، ويأتى بيانه إن شاء الله، وقيل قتله ابن أخيه، وقيل ورثه غير معينين وتنازعوا فى أمر قاتله حتى حملوا السلاح كل يقول لآخرين أنتم القاتلون أهل القريتين والسبطان، فقال أهل النهى منهم أنقتتل ورسول الله معنا، فذهبوا إلى موسى فقصوا له القصة وسألوه البيان، فأوحى الله تعالى إليه أن يذبحوا بقرة فيضرب القتيل ببعضها فيحيا فيخبر بقاتله.

Bog aan la aqoon