" قال ربكم سبحانه لا أجمع على عبدى خوفين، ولا أجمع له أمنين، فمن خافنى فى الدنيا آمنته فى الآخرة ومن أمننى فى الدنيا أخفته فى الآخرة "
رواه الترمذى فى نوادر الأصول. وذكره الطبرى فى التذكرة ورواه ابن مالك فى وقائعه من طريق الحسن البصرى
" وعزتى لا أجمع على عبدى خوفين ولا أجمع له أمنين فاذا أمننى فى الدنيا أخفته يوم القيامة وإذا خافنى فى الدنيا أمنته يوم القيامة "
رواه الترمذى أيضا فى كتاب ختم الأولياء. قال صاحب الكلم الفارقية والحكم الحقيقية، بقدر ما يدخل القلب من التعظيم والحرمة، تنبعث الجوارح فى الطاعة والخدمة. والله أعلم.
[2.41]
{ وءامنوا بمآ أنزلت } وهو القرآن، أفرد الإيمان به بالذكر مع دخوله فى قوله
أوفوا بعهدى
لأنه المقصود والعمدة فى الوفاء بالعهد. { مصدقا } حال من ما، أو من الهاء المقدرة، تقديرها أنزلته. { لما معكم } من التوراة والإنجيل وسائر ما عندكم من كتب الله. فإن القرآن مصدقا لما فى التوراة، وكتب الله من الأصول كالتوحيد والنبوة، وفى كثير من الأحكام والقصص، والوعد والوعيد، والأمر بالعبادة، والعدل بين الناس، والنهى عن الصغائر والكبائر. وأما ما خالف فيه من الأحكام فهو أيضا فى معنى الموافقة، لأن كلا أنسب بعصره وأهل عصره ، لتفاوت الأعصار وأهلها، فقد اتفق فى مراعاة الأعصار وأهلها وصلاحهم. ولو نزلت التوراة فى زمان سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - أو نزلت عليه لكانت وفق القرآن. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم
" لو كان موسى حيا لما وسعه إلا اتباعى "
رواه أحمد وغيره، وإنما قيد المنزل وهو القرآن بكونه مصدقا لما معه، تنبيها على أن اتباع ما معه لا ينافى الإيمان بالقرآن بل بوجبه، ولذلك قال { ولا تكونوا أول كافر به } فإن قوله هذا تعريض بأن الواجب أن يكونوا أول من آمن به، لأنهم قد علموا به فى التوراة والإنجيل وغيرهما، ولأنهم أهل النظر فى معجزاته، والعلم بشأنه، والمستفتحين به، على مشركى العرب والمبشرين بزمانه، وما كان من الكلام بطريق التعريض، يكون معناه ما لوح به المراد إليه لفظه، فليس معنى الآية النهى عن أن يكونوا سابقين إلى الكفر، إذ لا معنى لنهيهم عند ذلك، بعد أن سبقهم مشركو العرب إليه، بل ذلك تعريض مجرد عن معنى ظاهر اللفظ، كقولك لمن رأيته ظالما بفعل أو قول لا تكن ممن يعذبه الله بالنار، لحقوق عباده، تريد نهيه عن الظلم. وقولك للمسىء أما أنا فلست بمسىء، تريد إخباره بأن فعله أو قوله إساءة، ويجوز ألا تكون الآية من التعريض. فيكون المعنى ولا تكونوا أول كافر من أهل اكتاب بالقرآن. فالهاء عائدة إلى ما مر من قوله لما معكم، وقيل عائدة إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وذلك لأنهم إذا كفروا بالقرآن فقد كفروا بما معهم من التوراة وغيرها، فنهاهم عن الكفر بما معهم، لأن النهى عنه نهى عن الكفر بالقرآن، وكذا العكس لاتفاقهما، ومن سبق فى الكفر كان عليه مثل إثم جميع من اتبعه، أو اتبع من اتبعه إلى يوم القيامة، قال الشيخ هود - رحمه الله - ولا تكونوا أول كافر به، يعنى قريظة والنضير، لأن نبى الله قدم عليهم المدينة، فعصوا الله، وكانوا أول من كفر من اليهود، ثم كفرت خيبر وفدك، وفتتابعت اليهود على ذلك، من كل أرض.
Bog aan la aqoon