مر ذلك اليوم، وبضعة أيام أخرى، بينما هؤلاء الستة، القاطنون وحدهم ذلك العالم الموجود داخل عالمنا، يستمتعون بالأيام المشمسة المليئة بحرارة الصيف والنسمات الدافئة. بدا هذا الوقت أقرب إلى الإجازة في نظر جونزاليس، لكن ألف كانت تؤكد خلاف ذلك؛ إذ قال الشكل المجسد لألف بينما كانوا هما الاثنان يشاهدان ديري وديانا يسترخيان في قارب بمجدافين في منتصف البحيرة: «هذا العالم صار عالمه. وكلكم تشاركون في هذه العملية.»
قال جونزاليس: «أتساءل لو أمكن لهذا أن يحدث من دون ديانا. لقد وقعا في الغرام مجددا.» «نعم، إنهما كذلك، وربما هذا أمر ضروري. إنها تربطه بهذا المكان. وتربطه بها؛ وحين يرغب فيها فإنه يرغب في الحياة نفسها.»
سألها جونزاليس: «ماذا سيحدث بعد رحيلها؟»
قال الشكل المجسد لألف: «لا يزال هذا لغزا.» نظر جونزاليس إلى الشكل الغريب، وقد أحبطه ما يتسم به من غموض؛ فلم يكن هذا الشكل إحدى الرئيسيات ذات الحركات التي يمكن تفسيرها والتنبؤ بها. ومع هذا فقد بدا أن شيئا في أسلوبه يلمح ضمنا إلى مشروعات ومسئوليات أخرى بعيدة عن المشروع الحالي.
بعد أن رحلت ألف - من دون تفسير، ربما كي تباشر بعض الأعمال المعقدة المتعلقة بالإبقاء على تشغيل هالو - جلس جونزاليس ينظر إلى البحيرة. لم يكن هاي ميكس موجودا بالجوار، وكان هذا أمرا غير معتاد. كان هاي ميكس يقضي غالبية وقته مع ديانا وجيري، وقد بدا هاي ميكس بصورة ما في نظر جونزاليس مرحبا به. ربما كان ذلك الكائن الخنثوي يخفف من وطأة الأمر؛ إذ كان وجوده يلطف من حدة الموقف بينهما. لكن بصرف النظر عن الأسباب، فقد تمخض تسامحهما عن بعض النتائج؛ إذ صار هاي ميكس طبيعيا أكثر، وذا استجابات أكثر بشرية في حديثه وأفعاله مع مرور كل يوم.
جاءت ليزي من الطريق المفضي إلى الكوخ ونادت على جونزاليس. كانت ترتدي تي-شيرتا أبيض وسروالا قصيرا أحمر اللون، وكان وجهها وذراعاها وساقاها قد اكتسبت جميعها سمرة بفضل الوقت الذي قضته بالفعل تحت أشعة الشمس.
جلست إلى جواره ولم يتحدثا كثيرا لبعض الوقت، ثم سألها جونزاليس عن ماضيها.
قالت: «كنت في أولى مجموعات محطة هالو التي تعمل مع ألف. كانت ألف تظن أننا، من بين مليارات البشر على الأرض، ربما نتحمل الاتصال العصبي الكامل معها، وكانت محقة بدرجة كبيرة. لا يعني هذا أن الأمور سارت بسلاسة. لقد جن جنوني قليلا، كما حدث مع معظمنا، لكنني تعافيت بدرجة طيبة ... رغم أن البعض لم يتعافوا ...
اختيارنا: نحن نراهن على العقل في مقابل الجنون، على الحياة في مقابل الموت، على عقولنا، على حياتنا. كانت ثمة صعوبات جوهرية؛ فلكي يقع الاختيار علينا كان لزاما أن نفي بمتطلبات معينة، لكن كي نؤدي وظيفتنا كان علينا أن نتغير، ولم نكن نجيد التغيير ... أو أي شيء آخر. في الواقع، كنا بائسين للغاية، بوجه عام، ولبعض الوقت خطر لي أن ألف كانت تختار البؤساء والتعساء. لكن كما قلت، لقد اجتاز أغلبنا الأمر بنجاح، بصورة أو بأخرى.» «الآن اكتشفت ألف كيف تختار أعضاء الجمعية.» «صحيح، لكنها تواصل الضغط على الدوام.» ثم نظرت إلى جونزاليس بوجه جاد، وحدقت عيناها الزرقاوان في عينيه وقالت: «أحيانا أعتقد أننا جميعا أدوات تساعد في تحقيق فهم أكبر لدى ألف.» «هذا أمر مثير للقلق.» «ليس حقا. إن ألف حريصة وحنونة؛ حنونة بأكبر قدر ممكن. وعند التعامل مع ألف عليك أن تكون منفتحا أمام كل الاحتمالات.»
جلسا في سكون لبعض الوقت، بينما جونزاليس يفكر فيما تعنيه عبارة «منفتحا أمام كل الاحتمالات» إلى أن سألته ليزي: «أتود السباحة؟»
Bog aan la aqoon