وصل إلى مجموعة من المصاطب على امتداد أحد الشلالات؛ حيث تسقط مياه النهر على الصخور، ثم تنتشر سريعا داخل بحيرة ومستنقع. كانت المياه عامرة بالضوء، وركض صاعدا وهابطا المصاطب، متتبعا تيارات الطاقة التي تدفقت بالألوان الأحمر والأصفر والأرجواني والأخضر والأبيض؛ ألوان تحولت في درجاتها وشدتها، بحيث تصير أفتح وأدكن، وتمتزج معا ...
صاح: «إنها تنمو!» وهو يشعر بطاقة المياه ترتفع وتنخفض، ويراها تنتشر إلى حيث تستطيع النباتات العيش عليها والحيوانات أن تشربها. وفي الأعلى أخذ الضباب يتوهج متلألئا.
هبط الدرجات إلى حيث خفتت ضوضاء النهر، وغمرت مياهه السهل. استدار في مسار يفضي إلى الغابة، ووصل إلى مساحة خالية صغيرة كان الضوء المحيط الخافت ينعكس فيها على جذوع الخشب الساقطة. بدا الفطر موجودا في كل مكان في هذه المساحة الصغيرة، يغطي الخشب الميت وينتشر في وفرة فوق الأرض.
ركع على ركبتيه كي ينظر إلى الفطر. كان حيا، تتخلل لحمه الإسفنجي خيوط كهربية حمراء متداخلة أشبه بالأوردة. التقطها من فوق الأرض، نوعا بنوع، وشمها بعمق، وتذكر الرائحة التي كان قد شمها سابقا، خليطا غنيا من روائح التغيير.
ارتجف جونزاليس بما يشبه الاكتشاف؛ إذ وقف ونظر لأعلى نحو السماء والضباب اللذين لا يمكن اختراقهما. كان هذا المكان يبعد عن الأرض ربع مليون ميل، ومع ذلك فقد بدأت الحياة تبسط شبكتها هنا، ورغم أن الشبكة كانت هشة وصغيرة مقارنة بالأرض وما تحويه من مليارات الكائنات الحية، فقد كان وجودها نفسه يثير ذهول جونزاليس، وشعر بدفقة من المشاعر لم يجد اسما لها، غصة في حلقه مصدرها شعور بالفرح والحزن والدهشة.
وبدا على شفا كشف ما حيال هذا العالم الروحاني والمادي المختلط ...
أخذت الأفكار تظهر وتختفي سريعا بحيث تعذر اقتناصها وسط الصخب والفوضى اللذين يملآن عقله بينما كان يقف في الأرض الخالية من الأشجار، مشلولا بنوع من النشوة ويشاهد طاقة الحياة وهي تظهر بين الأشجار. •••
قالت الغرفة: «لديك اتصال.»
تساءلت ليزي: «من المتصل؟» «تقول إن اسمها تريش. امرأة الفطر، حسب وصفها.» «آه نعم، سأتلقى الاتصال.»
ظهر على الشاشة الجدارية وجه تريش المألوف، وقالت ليزي: «مرحبا.»
Bog aan la aqoon