Sidaasuu Zarathustra Ku Hadlay: Buug loogu talagalay Qof Walba iyo Qofna
هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد
Noocyada
دع المشاغبين وارجع إلى مقرك، فما ميدان الجماهير إلا معترك يهدد سلامتك بين خنوع «نعم» وتمرد «لا». إن تجمع المياه في الينابيع لا يتم إلا ببطء، وقد تمر أزمان قبل أن تدرك المجاري ما استقر في أغوارها.
لا تقوم عظمة إلا بعيدا عن ميدان الجماهير وبعيدا عن الأمجاد، وقد انتحى الأماكن القصية عنها من أبدعوا السنن الجديدة في كل زمان.
اهرب، يا صديقي، إلى عزلتك. لقد طالت إقامتك قرب الصعاليك والأدنياء، لا تقف حيث يصيبك انتقامهم الدساس وقد أصبح كل همهم أن ينتقموا منك.
لا ترفع يدك عليهم فإن عددهم لا يحصى، وما قدر عليك أن تكون صيادا للحشرات. إنهم لصغار أدنياء ولكنهم كثرة، ولكم أسقطت قطرات المطر وطفيليات الأعشاب من صروح شامخات. ما أنت بالصخرة الصلدة، ولشد ما فعلت بك القطرات، ولسوف يتوالى ارتشاقها عليك فتصدعك وتحطمك تحطيما.
لقد أرهقتك الحشرات السامة فخدشت جلدك وأسالت منه الدماء، وأنت تتحصن بكبرك لتكظم غيظك، وهي تود لو أنها تمتص كل دمك معتبرة أن من حقها أن تفعل؛ لأن دمها الضعيف يطلب دما ليتقوى، فهي لا ترى جناحا عليها؛ إذ تنشب حمتها في جلدك. إن هذه الجروح الصغيرة لتذهب بالألم إلى مدى بعيد في حسك المرهف، فتتدفق صديدا يرتعيه الدود. أراك تتعالى عن أن تمد يدك لقتل هذه الحشرات الجائعة، فحاذر أن يجول سم استبدادها في دمك.
إن هؤلاء المشاغبين يدورون حولك بطنين الذباب، فهم يرفعون أناشيدهم تزلفا إليك ليتحكموا في جلدك ودمك. إنهم يتوسلون إليك ويداهنونك كما يداهنون الآلهة والشياطين، فيحتالون عليك بالملاطفة والثناء، وما يحتال غير الجبناء.
إنهم يفكرون بك كثيرا في سرهم فيلقون الشكوك عليك، وكل من يفكر الناس به كثيرا تحوم حوله الشبهات.
إنهم يعاقبونك على كل فضيلة فيك، ولا يغتفرون لك من صميم فؤادهم إلا ما ترتكب من أخطاء. إنك لكريم وعادل؛ لذلك تقول في قلبك: «إن هؤلاء الناس أبرياء وقد ضاقت عليهم الحياة.» ولكن نفوسهم الضيقة تقول في نجواها: «إن كل حياة عظيمة إنما هي حياة مجرمة.» ويشعر هؤلاء الناس بأنك تحتقرهم عندما تشملهم بعطفك، فيبادلونك عطفك بالسيئات. إنك لتصدعهم بفضيلتك الصامتة فلا يفرحون إلا عندما يتناهى تواضعك فيستحيل غرورا. إن الناس يطمحون بالطبع إلى إلهاب كل عاطفة تبدو لهم، فاحذر الصعاليك؛ لأنهم يحسون بصغارهم أمامك فيتحمسون حتى ينقلب إحساسهم كرها وانتقاما.
أفما شعرت أنهم يخرسون عندما تطلع عليهم، فتبارحهم قواهم كما يبرح الدخان النار إذا همدت.
أجل يا صديقي، ما أنت إلا تبكيت في ضمائر أبناء جلدتك؛ لأنهم ليسوا أهلا لك، فهم لذلك يكرهونك ويودون امتصاص دمك.
Bog aan la aqoon