فدخلت سمية غرفتها وخففت ثيابها لتوهم أباها إذا رآها أنها في البيت من مدة طويلة. ولم تستغرب مكثه في تلك الحجرة طويلا؛ لأنه كثيرا ما كان يفعل ذلك وأهل البيت يستغربون تكتمه ولا يعرفون ما في تلك المحفة المخزونة هناك. ولولا خوفهم من غضبه واستبداده لتوصلوا إلى فتحها ولكنهم كانوا يخافون سطوته وشدة وطأته.
ثم رأت سمية أن تلجأ إلى فراشها قبل خروج أبيها من مخبئه مخافة أن يراها ويسألها عن سبب غيابها وربما أساء الظن بها، فجلست على فراشها، ودعت أمة الله لتمشط لها شعرها قبل النوم فجثت الجارية خلفها وجعلت تسرح الشعر وتمشطه ووجه سمية إلى باحة الدار، وكانت سمية ترتاح إلى مكاشفة أمة الله ببعض شئونها الخاصة فقالت لها: «هل شغل بالكم غيابي الليلة؟»
قالت: «نعم يا مولاتي؛ لأنك قلما تطيلين الغياب، ولا سيما أن عبد الله جاء للسؤال عنك.»
قالت: «وأي عبد الله؟»
قالت: «الرجل الذي جاء صباح اليوم.»
فعلمت سمية أنه عبد الله خادم حسن، فبغتت لعلمها أنه فارقها ليلحق بسيده على عجل فأدارت وجهها إلى الجارية وقالت لها: «متى جاء؟»
قالت: «جاء قبل وصولك بقليل.»
قالت: «وهل جاء وحده؟»
قالت: «لم أر معه أحدا.»
ففكرت سمية في الأمر، فوجدت أنه جاء بعد أن فارقها بساعة أو ساعتين، فتبادر إلى ذهنها أنه لم يأت إلا لغرض أراده حسن منها، أو لشر أصابه، فتوالت عليها الهواجس واستغرقت في التفكير، وعادت الجارية إلى تمشيطها وهي في غفلة عن كل ذلك.
Bog aan la aqoon