فلما سمعت سمية اسم حسن لم تعد تتمالك عن البكاء فكان جوابها الشهيق والنحيب، وهمت ليلى بأن تطمئنها عن حسن ولكنها خشيت أن يصيبها سوء من المفاجأة. فقالت: «إذا كنت تحبينني فلا تخفي على سر هذا الأمر، فقد رأيت مني كل إخلاص وأنا خادمة لك إلى آخر نسمة من حياتي. قولي، ولا تخفي علي شيئا.»
فقالت وهي تمسح دموعها: «أما سبب كونه لم يحصل على شيء مني، فذلك أنه أراد أن يطوف بالكعبة آخر الحجة الماضية فمنعه ابن الزبير من ذلك، فأقسم ألا ينزع سلاحه ولا يقرب نساءه ولا الطيب حتى يقتله.»
فتذكرت ليلى أنها كانت لا ترى الحجاج إلا مدججا بسلاحه حيثما كان ليلا ونهارا، واعتزمت أن تفضي إلى حسن بذلك لعلمها أنه يشرح صدره، ثم قالت لسمية: «وما هي الوسيلة التي دبرتها للنجاة منه في المستقبل؟»
فمدت سمية يدها إلى جيبها فأخرجت منه صرة صغيرة حلت عقدتها فإذا في داخلها قطعة رق ملفوفة على هيئة درج، فتبادر إلى ذهن ليلى أنها كتاب. ثم رأت سمية تناولت ذلك الرق بين أصابعها وقالت: «إن الفرج يأتيني من هذا الدواء!»
فقالت ليلى: «وما ذلك؟»
فقالت: «هو سم احتفظت به حتى إذا تحققت وقوع الخطر تناولته فيذهب بي إلى مكان أرجو أن ألاقي حسنا فيه.»
فرأت ليلى أن تبوح لها بالسر فقالت: «وما قولك إذا لاقيت حبيبك وأنت حية؟»
فتفرست سمية في وجه ليلى وهي تحسبها تمازحها وقالت: «لا تحببي الحياة إلي، فإن لقائي إياه في العالم الآخر خير وأبقى. أما هنا فلا أمل لي في ذلك.»
قالت: «لا تقطعي الأمل يا سمية.»
فأجابت وهي تحسبها تخفف عنها: «لا أبالي أقطعت الأمل أم لم أقطعه، فإن مدة عذابي في هذا العالم أصبحت قصيرة، ولا بد من انقضاء هذه الحرب، فإذا ظل هذا الطاغية حيا كان دوائي في هذه الصرة، وإذا مات ...» ثم تنهدت وأكملت حديثها فقالت: «ولكن ما الفائدة من بقائي حية وحدي؟»
Bog aan la aqoon