93

Hafawat Nadira

الهفوات النادرة من المغفلين الملحوظين والسقطات البادرة من المغفلين المحظوظين

Baare

صالح الأشتر

Daabacaha

منشورات مجمع اللغة العربية بدمشق

Noocyada

Maansada
٣٧٣ - أنفذ عبد الله بن علي إلى السفاح مشيخة من أهل الشام يطرفه بعقولهم واعتقادهم وأنهم حلفوا لأنهم ما علموا أن لرسول الله ﷺ قرابة يرثونه غير بني أمية حتى وليتم أنتم!. ٣٧٤ - وقال هرون: حدثني يعقوب عن أبي الطريح ابن اسماعيل عن أبيه قال: كان المهاجر بن عبد الله الكلابي أشرف عربي في زمانه، وكان لأم ولدٍ وعاملًا على اليمامة من قبل بني أمية وبني العباس أربعين سنة. وكان يؤتى في الدية والحمالة من كل مكان فلا يرد أحدًا إلا بحاجته، فبينا هو جالسٌ يومًا في منظرة له إذ رأى خمسين راكبًا من قومه قد طلعوا عليه قاصدين إليه في زي جميل ومراكب ورواحل، فسره ذلك منهم، وأمر لهم بدار كبيرة وجعلها برسمهم، وبطعامٍ كثيرٍ يُصنع لهم، ودخل عليهم، وجعل يحييهم ويقبل عليهم فرحلً بهم وسرورًا بما رأى من تجملهم وهيئتهم، وأتي بالطعام فجلس معهم يؤاكلهم ويحادثهم ويؤانسهم ويبسطهم، وهو لا يشك أنهم جاؤوه في دية أو حمالة وقعت عليهم، أو مغرمٍ ثقيل لزمهم، فقال لهم: حياكم الله وأنعم بكم عينًا يا بني عمي، ما حاجتكم فقد قضاها الله تعالى؟ قالوا: إن ابن عم لك أصاب رجلًا من طائفة العشيرة فقتله، وهو ابن أم ولد، وقد خفنا أن يأخذ ابن صريحة فيكون لهم الفضل علينا، وليس بنا ابن أم ولد غيرك، فنحن نحب أن ننقاد معنا ندفعك إلى القوم فيقتلوك ويصلح الله تعالى هذا الأمر بك، ولا يكون لهم على عشيرتك فضل! فلما سمع ذلك منهم قام عنهم، ودعا صاحب الشرطة فأخبره الخبر، وأمره أن يجلس لهم الصبيان في السكك معهم البعر، ثم يحملهم على رواحلهم، محولة وجوههم إلى أذنابها، ويأمر الصبيان بأن يرجموهم بالبعر وينثروه عليهم حتى يخرجهم من البلد، ففعل ذلك بهم. ٣٧٥ - وبلغ الأمين أن يعقوب بن المهدي لا يقيم نسبة، فدعاه وقال له: انتسب، فقال: أنا يعقوب بن المهدي، فقال: ابن من؟ فلم يعلم، فأمر به وحمل على الفيل، وحلف لا ينزله حتى يحفظ نسبه! ٣٧٦ - وكان خارجة بن زيد إذا صلى الجمعة انصرف إلى داره فجلس فيها، وأتته الأنصار طرًا، أهل العوالي وغيرهم، مسلمة عليه كما يسلم على أمير المدينة، تعظيمًا له وتشريفًا، وكان يأمر ليلة الجمعة بالماء يبرد في القرب، ويسقاه الناس بالعسل بعد صلاة الجمعة في عساس عظام من خيشاني، ونضارتها من الحسن والعظم ما لا غاية بعدها؛ وكان أبو عبد الله القراظ فارسيًا سبي في خلافة عمر بن الخطاب، وله جواب منكر لا يطاق، وقد اسن، وخلقته مضطربة: له أذنان عظيمتان ورأس كبير وآراب منكرة، وكان ينصرف فيمن ينصرف بعد الجمعة إلى دار خارجة، فيشرب، فإذا رآه خارجة رحب به وأمر بتعجيل الشراب عليه، وإن رآه أحد أولاده فعل به كفعل أبيهم؛ فجلس يومًا إلى جنبه فتى من الأوس من ولد عبد الله بن نفيل بن الحارث، فلم تجز له، فإنه جعل يهزأ به ويقول للساقي: اسقِ الشيخ ماء فإنه لا حاجة له في العسل، ويضحك به؛ فقال له أبو عبد الله: من أنت يا فتى؟ قال: من الأنصار، قال: مرحبًا بالأنصاري، فأي الأنصار أنت؟ قال: أنا فلان بن الحارث بن عبد الله بن نفيل بن الحارث، فقال: يا فتى تدري من الأنصار؟ قال: نعم وأنا وقومي، فقال له: أما جدك فلم ينصر، أعلمت ما نزل فيه من القرآن؟ أتدري ما فعلت سورة براءة بأبيك؟ فضحته! هي الفاضحة له المبدية لمساوئه! فاستحيا الفتى وأراد أنم يقوم، فقال له: كما أنت أزيدك، اعلم أني شيخ مجرب صحبت سعد بن أبي وقاص سنين في السفر والحضر، وغيره من الصحابة! لا تهزأن بالشيوخ .. فضار الفتى إذا لقيه أكرمه واعتذر إليه وقال له: لم أعرفك! فيقول له القراظ: ليس هذا بعذرٍ، لا تسيئن إلى أحد عرفته أو أنكرته! ٣٧٧ - وحدث ابن جريج قال: كان عبد الله بن صفوان يُطعم كل يوم بمكة الناس في داره سويقًا وتمرًا، ويأكل معهم، ثم ينصرف إلى بيته، فجاء يومًا من ذلك وعليه ثوبان وعمامة خزقانية، وقد ضاقت المجالس، فوقف على حلقة من تلك الحلق، وجعل يأكل وهو قائم، فقال له الذي حصل قائمًا على رأسه وهو لا يعرفه ما رأيت كاليوم ملانا أذيتنا، فقال له خالد: أيها المرء الأمر أيسر من ذاك، إنما هو آكل ثم انصرف عنك! وعرفه بعد ذاك فقال: هذا أشرف البشر! وندم على مابدر منه، وكان حيث يراه يعتذر إليه.

1 / 93