86

Hafawat Nadira

الهفوات النادرة من المغفلين الملحوظين والسقطات البادرة من المغفلين المحظوظين

Baare

صالح الأشتر

Daabacaha

منشورات مجمع اللغة العربية بدمشق

Noocyada

Maansada
٣٣٨ - وحدثني ﵁ قال: حدثني أبو عبد الله الحسين بن الحسن النسوي المعروف بالنائب لأنه كان ينوب عن الوزراء قال: حدثني أبو القاسم الأبرقروهي، وكان مغرمًا بالغلمان ومائلًا إليهم، قال: رأيت غلامًا أمرد مع أحد الخدم، فاستملحته واستحليته وراسلته واستملته، ووعدته وأرغبته، فأجابني وانتقل إلى حاشيتي، وشق على الخادم فعلي به، فشكاني إلى الملك بهاء الدولة، وبينا أنا في دار المملكة أنظر فيما يتعلق بي من العمل إذ جاءني فراش فقال: الأستاذ الأثير نحرير يستدعيك، فجئته فحين رآني قال: هاتوا حصيرًا، فأحضر وبسط بين يديه، وصرف من كان قائمًا وحاضرًا إلا ثلاثة خدم استوقفهم، ثم قال لهم: ابطحوه على وجهه، فبطحوني، وضربت عشرين عصا جيادًا، وأقعدني بعد ذلك وأنا أتململ، وقال: الملك يقول لك "إذا لم تكن مأمونًا على غلام خادم فكيف آمنك على خمسة آلاف غلام تركي يجرون مجرى الحرم، وقد وكلتهم إلى مرعاتك" وأمرني بما عاملتك به، فانظر الآن بين يديك واحرس نفسك وجاهك، وارجع إلى شغلك. فقمت وعدت إلى ديواني نادمًا على ما تسرعت إليه وغلطت وهفوت فيه. ٣٣٩ - وحكى أبو حيان التوحيدي قال: حضرت مائدة الصاحب أبي القاسم إسماعيل بن عباد فقدمت مضيرة رائقة فأمعنت فيها، فقال لي: يا أبا حيان إنها تضر بالمشايخ فقلت: إن رأى الصاحب أن يدع التطبب على طعامه فعل فكأنني ألقمته حجرًا، وخجل واستحيا، ولم ينطق إلى أن فرغنا. ٣٤٠ - ومما تحدث به عن أبي الفتح محمد بن فارس أحد من نظر في الوزارة في أيام صمصام الدولة أبي كاليجار بن عضد الدولة أبي شجاع بن بويه أنه صعد يومًا من أيام ولايته من زبزبه إلى دار السيدة أم صمصام الدولة، فسقط من كمه زبيب، فقال عند مشاهدة الناس له وحيائه منه: أنا أجد في معدتي رطوبة، وقد وصف لي تناوله على الريق، فأنا أستصحبه لذاك فكان العذر أقبح من الفعل، ولقبه مجان بغداد: الوزير الزبيبي. ٣٤١ - وحدثنا الرئيس أبو الحسين والدي رضي الله تعالى عنه قال: حدثني نجم الكفاة أبو عبد الله الحسين بن الحسن النسوي قال: حدثني أبو الفرج عبد الله بن الحسين الراماني قال: ورد أبو القاسم المعمر بن الحسين المدلجي مع الوزير أبي القاسم العلاء ابن الحسن من الأهواز إلى شيراز، وأبو القاسم المعمر أحد كتاب الإنشاء إذ ذاك، وعرضت للوزير أبي القاسم العلاء بن الحسن سفرة، فكتب إلي المدلجي، وأنا حينئذ خليفة العلاء، يطلب مني بغلة سروجية بآلتها، ولم تكن منزلته عندي منزلة من أراعيه أو أعطيه، فرددت الرقعة مع رسوله فلم أجبه عنها، ومضى الرسول ثم عاد إلي ومعه الرقعة بعينها وقد كتب على ظهرها: فإنك لا تدري إذا جاءَ سائلٌ ... أأنتَ بما تعطيهِ أم هو أسعدُ عسى سائلٌ ذو حاجةٍ إن منعته ... من اليومُ سؤلًا أن يكونَ له غدُ قال: فقرأت ذاك ثم أعدت الرقعة ثانيًا بغير جواب كما فعلت أولا. وضرب الدهر ضربة وصرف العلاء بن الحسن ووزر المدلجي، وكنت إذ ذاك أتقلد كورة سابور وكورة أردشير خرة، فأنفذ إلي من أشخصني إلى شيراز، ووردت عليه وأنا لا أشك في القبض علي والمصادرة لي، لما كان من غلطي وسوء فعلي وما قضاه المقدور في، وحضرت مجلسه فقدمني وقربني ورفعني وأكرمني، وأقمت مترددًا إليه وأيامًا ومتعجبًا من فعله وله مستطرفًا، فلما كان في بعض الأيام وقد قمت من مجلسه منصرفًا فتبعني الحاجب وقال: تقيم يا سيدي ساعة فإن الوزير يريد أن يجاريك شيئًا على خلوة، فلم يتخالجني شك في أنه القبض علي فأقمت خائفًا وجلا، ثم استدعاني وقد خلا مجلسه، وأسر إلى دواتيه شيئًا ومضى وعاد ومعه الرقعة بعينها فأخذها وسلمها إلي، فلما فضضتها وعرفتها أظلمت الدنيا في عيني، وودت أن الأرض ساخت بي، وقال لي: لا ترع فإنما واقفتك على فعلك الرذل القبيح لكيلا تستصغر بعدها أحدًا وتطرح مراعاة العواقب والنظر فيها، وليكون هذا الفعل مني لك مصلحًا ولأخلاقك مهذبًا، ثم خلع علي وردني إلى عملي.

1 / 86