واستشعر دفء الشفاء الوشيك فرغب في أن يجرب قوته. وجد فرصة في خلو الحجرة فتزحزح ببطء إلى حافة الفراش، وأنزل ساقيه بحذر حتى مست قدماه الأرض. غمغم: توكلت على الله ..
ووقف مستندا إلى الفراش واطمأن إلى ثقته بنفسه فحرك قدميه بحذر كأنه طفل يمشي معتمدا على نفسه لأول مرة. بصعوبة حملته ساقاه من الضعف وطول الرقاد. وتقدم حتى بلغ الباب المغلق ففتحه وواصل السير نحو حجرة الجلوس مضمرا مفاجأة سارة. وباقترابه ترامى إليه صوت، حوار يدور بين العمة وراضية. تساءلت راضية بحدة: من؟ .. من؟ ..
فجاء صوت العمة خافتا على غير العادة: أنت الجانية على نفسك، طالما قلت لك ذلك. - ما الفائدة؟ - ما هي عقبى الطمع وسوء التصرف! - اصرخي حتى يسمع!
وساد الصمت.
عاد إلى الفراش ذاهلا. - فيم تتحاوران؟ .. أي جناية؟ .. أي طمع؟ .. أي سوء تصرف؟!
وأغمض عينيه وهو يعض على شفته: يا ربي المعبود، ماذا يعني ذلك، أهو ممكن؟
لم لا؟ طالما رغب في أن يلعب هذه اللعبة فلم ينجح. ومن شدة الشعور بالخيبة ذهل عن وجوده تماما. - يا لي من أحمق!
ودهمته نكسة. هصرته أزمة جديدة. مضت أيام وأيدي الحياة والموت تتنازعه فيما بينها. وبدا أنه مصمم على الاستمساك بالحياة رغم كل شيء، ورغم قوله لنفسه: معركة طويلة وخاسرة! - لتكن مشيئة الله ..
وقيل إنه اجتاز مرحلة الخطر ولكن كان من المسلم به من أول الأمر أن رقاده سيطول إلى أجل غير مسمى. ولم يبح بسره لأحد وكان يلقى راضية وهو مغمض العينين. ولم يحقد عليها ولم يغضب وقال لنفسه: لا يحق لي أن أكرهها إلا كما أكره نفسي ..
وقال أيضا: إذا تهيأ لي يوما أن أنجب منها فلن أتأخر حتى يتحقق للعبة وجهاها الأبيض والأسود ..
Bog aan la aqoon