قلت: «إذن، أنت تعرفه؟ لا بد أنك سمعت عنه، قل لي؟»
فقال: «كل ما أعرفه أنه كان لا بد صالحا، وإلا لما كان له مقام.»
قلت: «ولكن مقامه فقير قديم ليس كمقام السيدة زينب أو الحسين.»
قال: «المسألة مش بضخامة المقام المبني يا بني، المسألة بضخامة المقام عند الله.»
فقلت: «ماذا أفعل إذن لأعرف سر السلطان حامد؟»
قال: «بالوصول، بذكر الله.»
ووجدتني أفكر فيما قاله طويلا مع أن ما قاله لم يشف غليلي، بل وجدت نفسي أتردد كثيرا على كتابه، ومناقشاتي معه لا تقربني قليلا أو كثيرا من أمر السلطان.
وقلت لنفسي: ربما كان صحيحا ما يقوله، ربما كان سر السلطان حامد لا يفتح إلا لبعض الناس، للصالحين، وربما لو ذكرت الله، ووصلت، أصل إلى مكان أرى منه السلطان، وأرى أمره بوضوح، وبدأت أتردد على حلقة الذكر التي يقيمها الشيخ شلتوت في بيته كل ليلة إثنين، ولم أهضم ذهابي إلى هناك أبدا، وكنت أذهب سرا؛ حتى لا يراني أحد زملائي ويسخر مني، كنا نجتمع عشرة رجال أو أكثر، أندس بينهم وهم يرمقونني بترحيب كبير؛ إذ إن حلقتهم قد ضمت أخيرا أحد المتعلمين، والمتعلمون كان بينهم وبين الدين - على حد قول الشيخ شلتوت - بحر من سم ودم، كنا نجلس على الحصيرة ونستغرق في التفكير في الله، ثم نذكره في سرنا، ثم نجهر بذكره، ثم نتمايل لاسمه، ثم يدفعنا الحماس إلى الوقوف، ويمسك لنا الشيخ شلتوت المجلس وقد حمي، وأصوات الرجال الخشنة تتصاعد من صدورهم في تهدج باك يجأر في طلب العفو والشفاعة والتوبة، وقد اندمجت أنفاسهم المتلاحقة في صرخة مبحوحة واحدة منغمة تقول: «الله، الله، الله!»
ولكنني انقطعت عن الذهاب فجأة، فقد أدركت أن استغراقي في الذكر لا يمكن أن يوصلني أبدا إلى حل للمشكلة، وعلي أنا أن أحلها بنفسي إذا أردت لها حلا.
ثم إنني كنت قد فطنت إلى شيء، فقد أدركت أن السلطان حامد ليس وليا من أولياء الله، فالأولياء يسمونهم مشايخ، فلماذا يسمونه هو السلطان؟!
Bog aan la aqoon