71

فهي بوتقة لا نظير لها، وهي بوتقة تدخلها معادن لا تحصى، وقد يدخلها المعدن ذهبا تارة وقصديرا تارة أخرى، على حسب الشخصيتين، وعلى حسب النوازع التي تثار في العلاقة بين تينك الشخصيتين.

ولا يلزم أن تكون الضعة في إحدى الشخصيتين ضعة في العاطفة وتعبيراتها، لأن هذه الضعة قد تحيي في النفس مناعتها وتستجيش محاسن العطف والرحمة فيها، كما تحيي الجرثومة مناعة البنية التي تداخلها وتستنفر حراسها وحماتها.

وعلى هذا النحو لا يلزم أن تكون الرفعة في إحدى الشخصيتين رفعة في العاطفة نفسها، فمن الرفعة ما تلقاه النفس بالإعجاب ولا تلقاه بالفطرة الثائرة التي ترجها وتزلزلها وتستخلص منها ذخيرتها وكوامن قواها.

إنما هو تفاعل بين شخصين، وكثيرا ما يتفق في العواطف البشرية كما يتفق في الكيمياء أن يكون للمادة الخسيسة فعل مفيد وأثر نفيس في المادة التي تفاعلها، ولا بد من التفاعل بين النقائض والمتشابهات في بوتقة النفس وفي بوتقة الكيمياء.

معاملة المرأة

إذا كانت هذه هي المرأة في جملة صفاتها ومزاياها ونقائصها وحقوقها فكيف نعاملها؟ أو كيف نهتدي بمجمل هذه الآراء والمشاهدات في معاملتها؟

ولا ينصرف هذا السؤال إلى معاملة المرأة في الأندية ومجالس البيوت والمحافل العامة؛ لأن هذه المعاملة تجري على سنة المجاملة التي تفرضها آداب كل أمة، وتجري على سنة المراسم التي يرعاها من يدين بها ويتقيد بعرفها ونكرها.

وهو أيضا لا ينصرف إلى معاملة المرأة في القوانين والدساتير؛ لأن جميع ءالقوانين والدساتير سواء ما لم تدرأ المرأة عن حوزتها الأولى وفريضتها العليا، وهي الإشراف على مملكة البيت وعلى تنشئة الجيل المقبل وصيانة الأسرة.

إنما ينصرف السؤال إلى «المرأة الطبيعية» لا سيدة النادي ولا عضو المجتمع ولا صاحبة الحقوق في القانون والدستور.

وأوجز ما يقال في جواب السؤال على هذا المعنى أن الرجل الذي يحسن معاملة «المرأة الطبيعية» هو الرجل الذي يشغل إحساسها، وأن الذي يشغل إحساسها ولو بالسخط والغضب والإثارة أقرب إليها ممن يتركها فاترة النفس لا تغضب ولا ترضى ولا تميل ولا تنفر ولا تشكر ولا تنطوي على حقد أو موجدة.

Bog aan la aqoon