وابتهجت نفسه للفكرة. - نحج هذا العام على بركة الله.
وجهز للحج أمره، ولم يفكر أين يدع مبلغه في البنك أو في الخزائن وعنده عبد الواحد، أودع المبلغ جميعه عند عبد الواحد، وقال عبد الواحد: أعطيك ورقة. - هل جننت؟!
وانتهى الأمر عند هذا وسافر هو ونعمات إلى الحجاز، وعادا وأقبل عبد الواحد: الحمد لله على السلامة يا حاج.
ويقول الحاج محمود: سبقتك إلى هذه يا شيخ عبد الواحد. العقبى لك العام القادم، إن شاء الله.
وينصرف المهنئون، ويهم عبد الواحد بالقيام ولكن محمود يستبقيه، حتى إذا خلت بهما الحجرة قال له: عبد الواحد، هل المبلغ عندك في البيت؟
وينظر إليه عبد الواحد مليا: المبلغ! أي مبلغ؟!
ويصمت محمود لحظة، ثم يبتسم: أتمزح؟
وأصر عبد الواحد على نظراته الجريئة: بل يخيل إلي أنك أنت الذي تمزح.
وصمت محمود. لقد عاش عمره كريما على نفسه وعلى الناس. ماذا يفعل الآن؟ هل يستجدي؟ ماذا يفعل ... الآن. إنه أصبح وهو لا يملك شيئا على الإطلاق، حتى الصحة، وأين الصحة لمن ترك وراء الستين؟ لا شيء، لا شيء على الإطلاق. لم يكن له إلا هذا المال وهذا الصديق وقد فقدهما في لحظة. أغمض عينيه وفتحهما، إنه ليس حلما، ما زال عبد الواحد أمامه ينظر بنظراته الخائنة المصرة على الخيانة، ورأى نفسه يمر ببيوت الناس يقول: إحسانا لله.
وأغمض عينيه ثانية، وحين حاول أن يفتحهما لم ينفتحا ولكنه همهم: المبلغ يا عبد الواحد، ألا تعرف المبلغ؟ - أي مبلغ يا محمود؟ هل جننت؟!
Bog aan la aqoon