المشير الأول :
ما لك ولذلك الفيلسوف وهو يتحمل الفقر والحرمان، ويصبر على تحمل كثير من الأذى؛ ليقوم بنشر فكرة ليست إلا في صالح المملكة، تؤيد العرش وتحفظ الملك.
الأستاذ (وقد أظهر الهدوء لما لاحظ من تهيب الملك للموقف) :
إخواني، أنتم سادة البلاد وأشرافها، وأنتم حكامها وأمراؤها، وإن فيما يقوله ذلك المشعوذ هدما لأمجادكم وتدميرا لتقاليد ما زلنا نرثها منذ أجيال، فنسمح له أن يهدم ما بناه الأجداد من فروق بين الطبقات، أفتريدون أن تخربوا بيوتكم بأيديكم؟ أو يكون غير هذا إذا ما تساوى رعاع السوقة بالأشراف والملوك، والنساء بالرجال، فكروا قليلا، وانزعوا من نفوسكم وهم الديمقراطية، وأنقذوا نفوسكم من سحر هذه الكلمة الهدامة المخربة.
وزير الميسرة :
ليست الديمقراطية على ما تظن يا سيدي الأستاذ، وإنما هي في مفهومها الصحيح أمن وعدالة وحرية وطمأنينة وسعادة، وليست المساواة فيها سوى مساواة في الحقوق الإنسانية، وإن يكن فروق فبالمواهب والأعمال، وفي تحقيق مصالح الأمة ومجد المملكة، وهي تحفظ للملك عرشه وعزته، فلا يهضم لصاحب حق حقه ما دام صالحا يعمل للمصالح العامة دون أن يهمل مصالحه الشخصية، فليست هي الخطر على المملكة، وإنما الخطر كل الخطر في أن يظل الشعب شاعرا بحقارته وذله، لا يجد الجو الملائم لنشاطه وسيادته.
وهنا احتدم الجدال بين الحضور حول مفاهيم الحرية والحقوق والواجبات والنظام والفوضى، وفيما إذا كانت المرأة إنسانا أو نوعا آخر من المخلوقات، وكان وجود جلالة الملك - وقد أراد هذا النقاش لغرض في نفسه - مهدئا نوعا لشدتها ومسكنا لحدتها، إلى أن أضاعت تلك المناقشات صواب الأستاذ، فاستيقظت في نفسه غريزة الشره وقد وقعت عيناه على دجاجة أمامه كالعكة، فنسي مقامه وتصور نفسه في داره فريدا أمام خوانه، فأمسك بها وأخذ يقطعها بأسنانه تقطيع الوحش النهم، فملأ فمه بلحمها وشحمها، وأغرق ثيابه بدهنها، وأفسد ما على المائدة من ترتيب، فدهش الجميع وكادوا يسترسلون في الضحك لولا هيبة الملك، فذهب صاحب الجلالة بضيفه إلى داخل القصر ليبلد له ثيابه، وانقض الناس على مائدة لم تنته بعد من تقديم ألوانها.
الملك :
ماذا أصابك أيها الأستاذ الجليل؟
الأستاذ (ولم يظهر عليه أي ارتباك، وكان دائما حاضر البديهة) :
Bog aan la aqoon