المشير :
والله لن أنام في فراش بعد اليوم، حتى أكتشف مكمن الفساد والشغب، وأمكن مليكي من أن يضع الأمور في نصابها، سأطلق هررتي لتصطاد تلك الفئران، فتسلم الأمور لأربابها، ويرتاح الشعب، فلا يظل بقرة لا يصل صغارها للبن أمهم الحنون.
عاش الملك، يكلأ الشعب بعناية الله.
الفصل السادس عشر
قال الراوي: كان الوقت سحرا لم يتنفس عن فجره، ولم ينبثق عنه صباحه بعد، عندما طرقت دار الأستاذ الجليل طرقا خفيفا، استفاق له التلميذ الشاب، وأسرع إلى فتح الباب، إنها طرقات أنبأت عن موعد عقد في الأمسية الماضية، وتهيأ لها الشاب بأمر من أستاذه.
دخل الرجل متلففا بعباءة واسعة أخفت معالمه، وكان رجلا قصيرا، ترشح على وجهه الغامض أمارات الخبث والمكر والرياء، مع هيبة ووقار في طلعته، لا يستطيع إنكارهما من يراه وإن نفر منه، لم يسبق للشاب أن رأى هذا القادم، ولا يعلم عنه سوى قول أستاذه: إن سيدا عظيما سيطرق بابنا وقت السحر، فانتبه إليه، وأيقظني حالا بعد أن تعلمه أنني أصلي صلاة السحر.
لم يكد الرجل يجلس في قاعة الاستقبال حتى سأل عن الأستاذ الجليل، فأجيب بأنه يصلي صلاة السحر، فقال: نفعنا الله ببركاته. وكانت شفتاه تفتران عن ابتسامة ماكرة، أردفها بغمزات تعلن أنه يعرف كل شيء فلم يخدع، أسرع التلميذ وأيقظ أستاذه، ولم يخف عنه ابتسامة الرجل وغمزاته، فابتسم الأستاذ ابتسامة من لا يأبه للمكر لأنه أشد مكرا، وبعد أن أصلح حاله ولبس ثيابه بادر إلى استقبال ضيفه الكبير.
كان الأستاذ يتوهم أنه سيقابل شخصا مجهولا لديه، وإذا هو أمام أحد زبائنه، وما كان يعلم أنه وزير الميمنة كان يأتيه متخفيا، فدهش، وكان الوزير يبتسم ابتسامة الماكر الداهية. أهذا أنت؟ قالها الأستاذ وهو يرحب به ويحييه، بعد أن فثأ عن نفسه الدهشة، فأجابه الوزير: أنا هو بعينه.
الأستاذ :
ما كنت أنتظر أن أجتمع بصديق قديم عزيز في هذا الموعد المبارك.
Bog aan la aqoon