Casrigan: Hordhac Kooban
الحداثة: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
بشكل موضوعي، تقدم الروايات الحداثية شخصيات دائما ما تواجه بيئة مدمرة، وربما عديمة المعنى، مثلما تفعل شخصيات هيمنجواي، ووولف، وموزيل، وبيكيت، دون ملاذ يلجئون إليه سوى بطولة شخصية، أو شعور بربري، أو وعي معرض للخطر.
في رواية «المحاكمة» لكافكا، نحاصر حصارا خانقا داخل الاستجابات الذاتية للبطل كيه، دون ارتياح أو طمأنينة بشأن الطبيعة الفعلية للواقع الذي يواجهه، بينما يعاني داخل عالم سخيف ظاهريا، ولكنه مهلك فعليا. وحيرته واستسلامه إزاء كل الإجراءات المفترض أنها «قانونية»، والتي تحيط به، راسختان بشكل مريع داخل عقله، الذي لا يسعه عند إقبال جلاديه عليه مرتدين قبعاتهم العالية السوداء إلا أن يقرر أن «يبقيه صافيا حتى النهاية». ويتم ذبحه في «محجر صغير».
هل كان العون متاحا؟ هل كانت توجد حجج في صالحه تم التغاضي عنها؟ بالطبع لا بد أن يكون ذلك موجودا. إن المنطق ثابت بلا شك، ولكن لا يمكنه أن يقاوم رجلا يريد مواصلة الحياة. أين كان القاضي الذي لم يره قط؟ أين كانت المحكمة العليا التي لم يستطع الوصول إليها أبدا؟
لقد جاءت ردود أفعاله بالنسبة لكثيرين بمنزلة رمز لكل ما يثور من غضب وحيرة جراء إجحافات البيروقراطية، والحكومة، والاضطهاد العرقي في القرن العشرين، والعار. وبموت كيه، «يكون كأنما أراد أن يخلد العار الذي لحق بالبشرية.» وأتفق في الرأي مع كوينونز أن:
خلق هذه الأشكال المحورية المعقدة من الوعي يشكل واحدا من أكبر إنجازات الحداثة، وهو إنجاز مصيري ضخم من عدة أوجه؛ ففي هذه الشخصيات وأسلوبها في الإدراك والتمييز، قدم لنا شكل الفكر لأربعين عاما قادمة من ثقافتنا تقريبا؛ أي أكثر من جيلين. لقد قدم لنا شكل إنسان القرن العشرين.
إن قدرا ضخما مما يراه بلوم هو حداثة في الواقع؛ فهو - على عكس بروفروك وهيو سلوين موبرلي، وحتى السيدة دالواي - «أداة مثالية للتعبير عن تنوع، وتدفق، وتأويل، وتزامن وعشوائية التجربة».
وهذا الانتباه للوعي، بالنسبة للحداثيين، هو انتباه أتاح لهم أيضا إعارة انتباه أكبر كثيرا للاستجابة الجنسية؛ ومن ثم لمشكلات العديد من الحداثيين مع الرقابة، لا سيما بالنسبة لدي إتش لورانس، الذي سعى نحو ما رآه نوعا جديدا من تمثيل الجسد (الذي لأجله ابتكر لغة جديدة - محتشمة نسبيا - إلى أن كتب نسخته الثالثة من قصة «الليدي تشاترلي »). ويرى لورانس ذاتيته الجديدة هذه كشيء يهدف إلى الوصول إلى حقائق مستقلة عن النماذج الأخلاقية المضللة التي توجد حتى في أعظم أجزاء التقليد الأدبي؛ ففي بيان شهير عن المقصد، وهو خطابه إلى إدوارد جارنيت في يونيو 1914، يقول إنه قد انبهر بقائد الحركة المستقبلية مارينيتي، واستهدافه الوصول إلى «فسيولوجيا حدسية للمادة»؛ لأن:
ما هو حسي ولا إنساني، في الطبيعة الإنسانية، أكثر إثارة لي من العنصر الإنساني الذي عفا عليه الزمن، والذي يدفع المرء إلى تصور شخصية ما في قالب أخلاقي معين، ويجعله متوافقا معه. وهذا النموذج الأخلاقي المعين، لدى تورجنيف، ولدى تولستوي، ولدى دوستويفسكي، هو ما أعارضه.
وقد كان اهتمامه الأساسي منصبا هنا على الاستجابات الجنسية للنساء:
لا أعبأ كثيرا بما «تشعر» به النساء؛ فهذا يفترض مسبقا وجود «أنا» للشعور بها. فقط أهتم بماهية المرأة - ما هي - على المستوى اللاإنساني، والفسيولوجي، والمادي، ولكن بالنسبة لي، ينصب الاهتمام على ماهيتها كظاهرة (أو كتمثيل لإرادة لا إنسانية أكبر)، بدلا مما تشعر به وفقا للمفهوم البشري.
Bog aan la aqoon