167

Hadarat Carab

حضارة العرب

Noocyada

ويعد بالألوف ما تم في طليطلة من ضروب الزخارف على يد عمال من العرب كانوا من رعايا النصارى قبل إجلاء العرب العام الذي حدث بعد فتح النصارى لجميع بلاد إسپانية، وإلى هؤلاء العمال العرب يعود الفضل فيما ترى من دقائق النقوش والزينة في مباني طليطلة التي شيدت على الطراز الرومني أو الطراز القوطي، وقد نشأ عن هذا المزج بين الطراز العربي والطراز النصراني ذلك الطراز الذي يسمى المدجن، والذي اتصل أمره في إسپانية زمنا طويلا، والذي لم يعف أثره فيها كما تشهد بذلك بعض الأبنية التي شيدت في أشبيلية حديثا. (4-3) المباني العربية في أشبيلية

يرى في أشبيلية، كما يرى في طليطلة، أثر للعرب في كل خطوة، وإن كان ذلك بمعنى آخر، فإذا نظرت إلى أكثر بيوت أشبيلية العربية العصرية رأيته مبنيا على الطراز العربي، وإذا نظرت إلى الرقص البلدي والموسيقا المحلية في أشبيلية رأيتهما على النهج العربي، وإذا نظرت إلى نسوة أشبيلية، على الخصوص، رأيت الدم العربي يجري في عروقهن.

وإن البرج المسمى لاجيرالدة (برج لعبة الهواء) هو أقدم المباني العربية في أشبيلية، وهو بناء جميل مربع مبني من الآجر الوردي، وهو يشابه برج مار مرقس في البندقية وأكثر مناور إفريقية، وإنني أرجح أن يكون قد بني مئذنة للمسجد الجامع الذي أقامه المنصور في سنة 1195م.

ووجوه برج لاجيرالدة الخارجية مستورة بشبكة من النقوش المحفورة، ومن النوافذ ذات الأقواس المصنوع بعضها على شكل نعل الفرس، والمصنوع بعضها الآخر على رسم البيكارين، وكان يعلو ذلك البرج كرة معدنية مذهبة فأزالها الإسپان وبنوا في محلها برجا للناقوس، ثم وضعوا فوق هذا البرج تمثالا؛ ليكون رمزا للإيمان.

والقصر الأشبيلي قصر عربي قديم يرجع إنشاؤه إلى أدوار مختلفة، وقد بدئ بإنشائه في القرن الحادي عشر، وشيد معظمه في القرن الثالث عشر، وبنى مقدمه عمال من العرب في عهد الطاغية بطره، ثم حاول شارلكن أن يزوقه فأضاف إليه من الزخارف الإغريقية الرومية ما دل على فساد ذوق الصانع.

شكل 6-19: قاعة الأسود في قصر الحمراء (من صورة فوتوغرافية).

واتخذ ملوك النصارى قصر أشبيلية منزلا لهم، ويعد البناء الوحيد الذي حفظ من نوعه في إسپانية، وإن الناظر إلى رداه هذا القصر المزخرفة بشتى الألوان، والتي أزال الكلس عنها دوك مونپانسه بعد أن كلسها الإسپان وفق عاداتهم، ليتمثل ما كانت عليه رداه الحمراء قبل أن يكلسها الإسپان أيضا، وإن ردهة الصبايا اللائي كان النصارى يقدمون مائة منهن كجزية إلى ملوك المغاربة في أشبلية في كل سنة، كما روي، وكذلك ردهة السفراء، هما من أروع رداه القصر الأشبيلي، وتعد ردهة السفراء هذه من العجائب بغير ما أضيف إليها من الزخرف الرخيص، وإذا استثنينا مباني دمشق العربية وبعض مساجد القاهرة العربية لم نر في غير القصر الأشبيلي تلك السقوف المغطاة بالخشبان المحفورة المطلية المذهبة التي يفتخر أثمن قصورنا باشتماله على مثلها.

والحق أن أشبيلية أكثر مدن إسپانية حياة وتمدنا، وهي نقيض غرناطة التي حافظت على توحش القرون الوسطى، وعلى كرهها الشديد للأجانب. (4-4) المباني العربية في غرناطة

تتجلى عظمة فن العمارة العربي الأندلسي في قصر الحمراء الذي أنشئ في القرن الرابع عشر من الميلاد.

أقيم قصر الحمراء على منحدر جبل شلير الذي يشرف على مدينة غرناطة وعلى المروج الواسعة الخصيبة، والذي يعد من أجمل أمكنة العالم.

Bog aan la aqoon