وأشديتها بالنسبة إليه لا تخرجه عن الفرعية، إذ اعتبار الأصالة والفرعية إنما هو بالنظر إلى ما دل على الكلام أولا وبالذات وثانيا وبالعرض.
وربما استند بعض الفضلاء إلى الاستدلال على الحجية بقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطابه للأنصار: " أتوجبون عليه الحد والرجم، ولا توجبون عليه صاعا من ماء؟ " (1) وسيأتي الجواب عن ذلك في باب غسل الجنابة في مسألة الجماع في دبر المرأة.
وأما منصوص العلة فظاهر كلام المرتضى (رضي الله عنه) انكاره. والعلامة وجمع من الأصحاب على القول به.
احتج المرتضى (رضي الله عنه) بما ملخصه: أن علل الشرع إنما تنبئ عن الدواعي إلى الفعل أو عن وجه المصلحة فيه، وقد يشترك الشيئان في صفة واحدة ويكون في أحدهما داعية في فعله دون الآخر مع ثبوتها فيه، وقد يكون مثل المصلحة مفسدة، وقد يدعو الشئ إلى غيره في حال دون حال وعلى وجه دون وجه. إلى أن قال: " فإذا صحت هذه الجمل لم يكن في النص على العلة ما يوجب التخطي والقياس وجرى النص على العلة مجرى النص على الحكم في قصره على موضعه ".
وحكى العلامة (قدس سره) عن المانعين الاحتجاج بأن قول الشارع: حرمت الخمر لكونها مسكرة. يحتمل أن تكون العلة هي الاسكار، وأن تكون اسكار الخمر بحيث يكون قيد الإضافة إلى الخمر معتبرا في العلة. وإذا احتمل الأمران لم يجز القياس.
ثم أجاب بالمنع من احتمال اعتبار القيد في العلة، ثم أطال في البحث إلى أن قال:
" والتحقيق أن النزاع هنا لفظي. لأن المانع إنما يمنع من التعدية لأن قوله: حرمت الخمر لكونه مسكرا. محتمل لأن يكون في تقدير التعليل بالاسكار المختص بالخمر، فلا
Bogga 63