201

كماء النهر يطهر بعضه بعضا».

هذا على تقدير القول المشهور. واما على ما ذهب إليه العلامة من اشتراط الكرية في عدم الانفعال ، ففيه إشكال ، لأنه متى تغير الجاري على وجه لا يبلغ الباقي كرا فلا يطهر إلا بمطهر من خارج ، لان ما يخرج بالنبع لا يكون إلا قليلا فينفعل بالملاقاة بعد خروجه ، وهكذا فيما يخرج دفعة ثانية وثالثة وهكذا ، فلا يتصور حصول الطهارة به وان استهلك المتغير ، لان الاستهلاك بماء محكوم بنجاسته كما عرفت.

وقد أطلق ( قدسسره ) في كتبه طهارة الجاري المتغير بتكاثر الماء وتدافعه حتى يزول التغير ، وعلله في المنتهى والتذكرة بأن الطارئ لا يقبل النجاسة لجريانه ، والمتغير مستهلك فيه (1) وأنت خبير بما فيه ، قال بعض فضلاء متأخري المتأخرين بعد إيراد ذلك على قوله «ويمكن ان يجعل هذا من جملة الأدلة على بطلان تلك الدعوى» انتهى.

(المقالة الثامنة) قد صرح الأصحاب (رضوان الله عليهم) بان حكم ماء الحمام كالجاري إذا كان له مادة ، قالوا : والمراد بماء الحمام يعني ما في حياضه الصغار. ثم اختلفوا في اشتراط الكرية في المادة وعدمه ، وحينئذ فالبحث هنا يقع في مواضع ثلاثة :

Bogga 202