ودخل زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب على هشام بن عبد الملك بن مروان فلم يوسع له أحد في المجلس، ولم ير لنفسه موضعًا يجلس فيه، فقال: يا أمير المؤمنين إنه ليس أحد إلا وله من مجلسك موضع فقال له هشام: اجلس حيث انتهى بك المجلس لا أم لك أنت الذي نازعتك نفسك الخلافة، وأنت ابن أمة. فقال له زيد يا أمير المؤمنين إن الأمهات لا يقعدن بالرجال عن الغايات، وقد كانت أم إسماعيل ﵇ أمة فلم يمنعه ذلك من أن يبعثه الله نبيًا، وأخرج من صلبه محمدًا ﷺ، وكان إسحاق أمه سارة حرة، وقد مسخ الله بعض ولده قردة وخنازير.
وقال معاوية لعقيل بن أبي طالب: أنا خير لك من أخيك، فقال: إن أخي آثر دينه على دنياه، وأنت آثرت دنياك على دينك فأنت خير لك من أخي، وأخي خير لنفسه منك.
وقال له يومًا آخر: أين ترى عمك أبا لهب؟ فقال: في النار مفترشًا عمتك حمالة الحطب، وكانت أم جميل امرأة أبي لهب بنت حرب بن أمية بن عبد شمس.
وقال ابن حازم يومًا لكاتبة يضحك منه: أين تريد يا هامان؟ قال: أبني لك صرحًا.
وقال الأحوص للفرزدق: متى عهدك بالزنى يا أبا فراس؟ قال: مذ ماتت العجوز أمك.
وقال يهودي حين قتل عثمان ﵀، وقعت الفتنة: إنما عهدكم بنبيكم منذ كذا، وقد فتنتم، فقال له رجل من المهاجرين: يا عدو الله، ما جفت أقدامكم من جوار البحر حتى قلتم لموسى: (اجعل لنا إلها كما لهم آلهة) .
ورمى الحجاج حجرًا بين يدي أعرابي، وقال له: أخبرني أذكر هو أم أنثى؟ فقال له الأعرابي: ارفع لي ذنبه وأخبرك.
وقال رجل لامرأته: وكان قبيحًا: إني أتمنى أن أرى إبليس، قالت له: أنا أريكه، قال: وكيف ذلك، فأخرجت له مرآة، وقالت له: انظر إلى وجهك.
وقال محمد بن داود يومًا لابن سريج، وقد أكثر عليه في السؤال: أبلغي ريقي، فقال له ابن سريج: قد أبلغتك دجلة والفرات.
وقال أمير لأعرابي: قل الحق وإلا أوجعتك ضربًا، فقال وأنت فاعمل به، فوالله إن ما أوعدك الله به على تركه أعظم مما توعدتني به.
وقال مولى لبني هاشم: رأيت ذا الرمة، وقد عارضه رجل فقال له، يهزأ به: يا أعرابي، أتشهد بما لم تره؟ قال: نعم، قال: بماذا؟ قال: أشهد أن أباك نكح أمك.
وكان للفضل بن سهل وصيفة ظريفة، كثيرة الملح والنوادر وكانت ساقية، وكان أبو نواس يولع بها ويمازحها، فقال لها يومًا: إني أحبك وتبغضينني فلم ذلك؟ فقالت له: لأن وجهك والحرام لا يجتمعان.
ويروى أن بثينة دخلت على عبد الملك بن مروان، فحدد النظر إليها، وقال يا بثينة: ما رأى فيك جميل حين قال فيك ما قال؟ قالت: يا أمير المؤمنين، ما رأى فيك الناس حين ولوك الخلافة، فضحك عبد الملك حتى بدت له سن سوداء، كان يخفيها، وما ترك لها من حاجة إلا قضاها يومئذ.
وحكى حماد الراوية قال: أخبرني خالد بن كلثوم، قال: أخبرني رجل من بني أسد أنه أدرك ميًا، وكان أعور، قال: رأيتها في نسوة من قومها، فقلت: أيتكن مي؟ فقال النسوة: ما كنا نرى أنها تخفى على أحد، هذه هي، قلت: والله ما أدري ما كان لعجب ذا الرمة منك؟ وما أراك كما كان يصفك، فتنفست، وقالت: يرحم الله غيلان، إنه كان ينظر إلي بعينين، وأنت تنظر إلي بعين واحدة.
وكان بسجستان رجل يقال له بدر بن المناقر، وكان أبوه طلب في سرقة الإبل، فجلس إلى أبي الهندي الشاعر، وجعل يعرض له بالشراب، فقال أبو الهندي: إن أحدكم يرى القذاة في عين أخيه، ولا يرى الجذع في است أبيه.
ومر نصر بن سيار بأبي الهندي، وهو يتمايل سكرًا، فقال له نصر: أفسدت شرفك بإدمانك الخمر، فقال أبو الهندي: لو لم أفسد شرفي لم تكن والي خرسان.
ومر الفرزدق بماء، وبه نسوة يغسلن ثيابهن، قال: فضرطت بغلته فضحكن منه، فقال لهن الفرزدق: ولم تضحكن؟ والله ما حملتني قط أنثى إلا فعلت كفعلها، فقالت له امرأة منهن: أترى التي حملتك تسعة أشهر كيف كان ضراطها؟ فخجل وانصرف.
ونازع بشارًا رجل في اليمانية والمضرية، وأذن المؤذن فقال له بشار: من الذي يؤذن باسمه مع اسم الله تعالى أمن مضر هو أو من سبأ؟ فسكت الرجل.
1 / 3