على ما فاتهم، فيستغيثون بوجوه أهل الجنان إلى الله، وينادونهم بأسمائهم، فيقول الله تبارك اسمه: ﴿إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون * هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون * لهم فيها فاكهة ولهم ما يدعون * سلام قولًا من رب رحيم * وامتازوا اليوم أيها المجرمون * ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين * وإن اعبدوني هذا صراط مستقيم﴾ [يس: ٥٥ - ٦١].
فتجيش لهم النار فتفرق جمعهم وينقطع نداؤهم، فترمى بهم إلى جزائر في النار، فإذا أخرجوا إليها دبت إليهم عقارب لها أنياب كأمثال النخل، ثم يقبل عليهم سيل من نار من تحت العرش حشوه غضب الله، فيحملهم فيفرقهم في بحار النيران، وينادي مناد من قبل الله تعالى: هذا يومكم الذي كنتم تبارزوني فيه بالعظائم، وتتمردون على بنعمتي، وتفرحون في دار الأحزان والعبودية بما تضاهون به ما أعددت لأهل طاعتي، فقد انقطعت عنكم تلك اللذات، فذوقوا وبال ما آثرتموه، فإن أهل الجنة قد شغلوا عنكم بالتنعيم بالولائم وألوان الفواكه وطرف الهدايا وافتضاض العذاري وركوب الرفارف، والتلذذ بالأغاني وألوان السماع وسلامي عليهم وإقبالي بالبر واللطف إليهم، والمزيد ما يستفرغ نعمهم ليتهنوا بنعيمهم ويزدادوا به لذة على لذتهم.
فيا أهل الجنة هذا لكم بدل يوم أعدائي الذين تباشروا وأهدوا إلى ملوكهم وقبلوا هداياهم وأنتم الفائزون.
وعن أبي هريرة ﵁ قال: "قال رجل لرسول الله ﷺ: إني رجل قد حبب إلى الصوت الحسن فهل في الجنة صوت حسن؟ قال ﷺ: أي والذي نفسي بيده، إن الله ﷿ ليوحي إلى شجرة في الجنة أن أسمعي عبادي الذين اشتغلوا بعبادتي وذكرى عن عزف البرابط والمزامير، فترفع بصوت لم تسمع الخلائق بمثله من تسبيح الرب وتقديسه".
وعن أبي قلابة ﵀ قال: قال رجل لرسول الله ﷺ: "هل في الجنة من ليل؟ قال ﷺ: وما هيجك على هذا؟ قال: سمعت الله ﷿ يذكر في الكتاب: ﴿ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيًا﴾ [مريم: ٦٢] فقلت: الليل بين البكرة والعشى، فقال رسول الله ﷺ: ليس هناك ليل إنما هو ضوء ونور، يرد الغدو على الرواح والرواح على الغدو،