Ghidha Albab
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
Daabacaha
مؤسسة قرطبة
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
1414 AH
Goobta Daabacaadda
مصر
Noocyada
Suufinimo
طَرْفَهُ أَيْ كَسَرَهُ وَأَطْرَقَ وَلَمْ يَفْتَحْ عَيْنَهُ.
وَفِي قَصِيدَةِ كَعْبٍ
وَمَا سُعَادُ غَدَاةَ الْبَيْنِ إذْ رَحَلُوا ... إلَّا أَغَنُّ غَضِيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ
مَطْلَبٌ فِي غَضِّ الطَّرْفِ
قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ هِشَامٍ فِي شَرْحِهِ لِقَصِيدَةِ كَعْبٍ: غَضُّ الطَّرْفِ عِبَارَةٌ عَنْ تَرْكِ التَّحْدِيقِ وَاسْتِيفَاءِ النَّظَرِ، فَتَارَةً يَكُونُ ذَلِكَ لِأَنَّ فِي الطَّرْفِ كَسْرًا وَفُتُورًا خِلْقِيَّيْنِ وَهُوَ الْمُرَادُ فِي كَلَامِ كَعْبٍ، وَتَارَةً يَكُونُ لِقَصْدِ الْكَفِّ عَنْ التَّأَمُّلِ حَيَاءً مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْمُرَادُ فِي كَلَامِ النَّاظِمِ، فَإِنَّ مُرَادَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَاغْضُضْ طَرْفَك امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ [النور: ٣٠] وَلِمَا سَنَذْكُرُهُ مِنْ الْأَخْبَارِ النَّبَوِيَّةِ وَالْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ (مَا اسْطَعْتَ) أَيْ مُدَّةَ اسْتِطَاعَتِكَ، يُقَالُ اسْتَطَاعَ وَاسْطَاعَ بِحَذْفِ التَّاءِ تَخْفِيفًا لِأَنَّهُمْ يَسْتَثْقِلُونَهَا مَعَ الطَّاءِ وَيَكْرَهُونَ إدْغَامَ التَّاءِ فِيهَا فَتُحَرَّكُ السِّينُ وَهِيَ لَا تُحَرَّكُ أَبَدًا.
وَقَرَأَ حَمْزَةُ ﴿فَمَا اسْتَطَاعُوا﴾ [يس: ٦٧] بِالْإِدْغَامِ فَجَمَعَ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ. وَبَعْضُ الْعَرَبِ تَقُولُ اسْتَاعَ يَسْتِيعُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ إسْطَاعَ يَسْطِيعُ بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى أَطَاعَ يُطِيعُ وَمَعْنَى ذَلِكَ طَاقَ (تَهْتَدِ) أَيْ تَرْشُدُ بِغَضِّ طَرْفِك لِامْتِثَالِ أَمْرِ رَبِّك وَاتِّبَاعِ سُنَّةِ نَبِيِّك، وَتَسْلَمُ مِنْ غَائِلَةِ النَّظَرِ وَتَعَبِهِ وَجُرْمِهِ وَوَصَبِهِ.
أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَعْنِي عَنْ رَبِّهِ ﷿ «النَّظْرَةُ سَهْمٌ مَسْمُومٌ مِنْ سِهَامِ إبْلِيسَ مَنْ تَرَكَهَا مِنْ مَخَافَتِي أَبْدَلْتُهُ إيمَانًا يَجِدُ حَلَاوَتَهُ فِي قَلْبِهِ» وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَفِيهِ نَظَرٌ. وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَنْظُرُ إلَى مَحَاسِنِ امْرَأَةٍ ثُمَّ يَغُضُّ بَصَرَهُ إلَّا أَحْدَثَ اللَّهُ لَهُ عِبَادَةً يَجِدُ حَلَاوَتَهَا فِي قَلْبِهِ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ إلَّا أَنَّهُ قَالَ يَنْظُرُ إلَى امْرَأَةٍ أَوَّلَ رَمْقَةٍ وَالْبَيْهَقِيُّ قَالَ إنَّمَا أَرَادَ إنْ صَحَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَقَعَ بَصَرُهُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَيَصْرِفَ بَصَرَهُ عَنْهَا تَوَرُّعًا.
وَرَوَى الْأَصْبَهَانِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «كُلُّ عَيْنٍ بَاكِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَّا عَيْنًا غَضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ، وَعَيْنًا سَهِرَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَعَيْنًا خَرَجَ مِنْهَا مِثْلُ رَأْسِ الذُّبَابِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ» .
1 / 82