Ghidha Albab
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
Daabacaha
مؤسسة قرطبة
Daabacaad
الثانية
Sanadka Daabacaadda
1414 AH
Goobta Daabacaadda
مصر
Boqortooyooyin
Cismaaniyiinta
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا قُلْتُمْ يَا عَائِشَةُ؟ فَقَالَتْ سَلَّمْنَا وَدَعَوْنَا الْبَرَكَةَ ثُمَّ انْصَرَفْنَا، قَالَ: إنَّ الْأَنْصَارَ قَوْمٌ فِيهِمْ غَزَلٌ أَلَا قُلْتُمْ يَا عَائِشَةُ أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ، فَحَيَّانَا وَحَيَّاكُمْ. زَادَ فِي رِوَايَةٍ: وَلَوْلَا الذَّهَبُ الْأَحْمَرُ، لَمَا حَلَّتْ بِوَادِيكُمْ، وَلَوْلَا الْحَبَّةُ السَّوْدَاءُ لَمَا سُرَّتْ عَذَارِيكُمْ» وَذَكَرَهُ عُلَمَاؤُنَا. وَذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيُّ فِي الرِّسَالَةِ. وَذَكَرَ أَيْضًا بِإِسْنَادِهِ «أَنَّ رَجُلًا أَنْشَدَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ شِعْرًا:
أَقْبَلَتْ فَلَاحَ لَهَا ... عَارِضَانِ كَالسَّبَجِ
أَدْبَرَتْ فَقُلْت لَهَا ... وَالْفُؤَادُ فِي وَهَجِ
هَلْ عَلَيَّ وَيْحُكُمْ ... إنْ عَشِقْت مِنْ حَرَجٍ
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. لَا حَرَجَ» كَذَا قَالَ. قُلْت ذَكَرَ الْحَدِيثَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَلَفْظُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ مَرَّ بِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَقَدْ رَشَّ فِنَاءَ أُطْمِهِ وَجَلَسَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ سِمَاطَيْنِ وَجَارِيَةٌ لَهُ يُقَالُ لَهَا سِيرِينَ مَعَهَا مِزْهَرُهَا تَخْتَلِفُ بِهِ بَيْنَ الْقَوْمِ وَهِيَ تُغَنِّيهِمْ، فَلَمَّا مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ لَمْ يَأْمُرْهُمْ وَلَمْ يَنْهَهُمْ، انْتَهَى إلَيْهَا وَهِيَ تَقُولُ فِي غِنَاهَا:
هَلْ عَلَيَّ وَيْحَكُمْ ... إنْ زَهَوْت مِنْ حَرَجٍ
فَتَبَسَّمَ ﷺ وَقَالَ لَا حَرَجَ إنْ شَاءَ اللَّهُ» . قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَتَفَرَّدَ بِهِ أَبُو أُوَيْسٍ عَنْ حُسَيْنٍ وَكِلَاهُمَا مَتْرُوكٌ وَقَدْ حَكَمَ عَلَيْهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُ بِالْوَضْعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلِأَنَّ الْغِنَاءَ إنَّمَا هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَصْوَاتِ الْحَسَنَةِ وَالنَّغَمَاتِ الْمُطْرِبَةِ يَصْدُرُ عَنْهَا كَلَامٌ مَوْزُونٌ مَفْهُومٌ. فَالْوَصْفُ الْأَعَمُّ فِيهِ إنَّمَا هُوَ الصَّوْتُ الْحَسَنُ وَالنَّغْمَةُ الطَّيِّبَةُ، وَهُوَ مَقْسُومٌ إلَى قِسْمَيْنِ:
مَفْهُومٌ كَالْأَشْعَارِ. وَغَيْرُ مَفْهُومٍ كَأَصْوَاتِ الْجَمَادَاتِ وَهِيَ الْمَزَامِيرُ كَالشَّبَّابَةِ وَالْأَوْتَارِ، وَالثَّانِي لَا شَكَّ فِي حُرْمَتِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُعْتَمَدِ، وَالْأَوَّلُ لَا تَظْهَرُ حُرْمَتُهُ لِأَنَّهُ صَوْتٌ طَيِّبٌ بِشِعْرٍ مَوْزُونٍ مَفْهُومٍ، وَقَدْ صَحَّتْ الْأَخْبَارُ وَتَوَاتَرَتْ الْآثَارُ، بِإِنْشَادِ الْأَشْعَارِ، بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ الْمُخْتَارِ ﷺ مَا تَعَاقَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
1 / 157