Ghidha Albab
غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
Daabacaha
مؤسسة قرطبة
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
1414 AH
Goobta Daabacaadda
مصر
Noocyada
Suufinimo
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ ﵄: سَأَلْت أَبِي عَنْ الْغِنَاءِ فَقَالَ الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ، وَقَالَ لَا يُعْجِبُنِي. ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ الْإِمَامِ مَالِكٍ ﵀ وَرَضِيَ عَنْهُ إنَّمَا يَفْعَلُهُ عِنْدَنَا الْفُسَّاقُ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَسَمِعْت أَبِي يَقُولُ سَمِعْت يَحْيَى الْقَطَّانَ يَقُولُ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا عَمِلَ بِكُلِّ رُخْصَةٍ بِقَوْلِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي النَّبِيذِ، وَقَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي السَّمَاعِ، وَأَهْلِ مَكَّةَ فِي الْمُتْعَةِ لَكَانَ فَاسِقًا. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: لَوْ أَخَذْت بِرُخْصَةِ كُلِّ عَالِمٍ وَزَلَّةِ كُلِّ عَالِمٍ اجْتَمَعَ فِيك الشَّرُّ كُلُّهُ.
قَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي إغَاثَةِ اللَّهْفَانِ: قَدْ تَوَاتَرَ عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ ﵁ أَنَّهُ قَالَ: خَلَفْت بِبَغْدَادَ شَيْئًا أَحْدَثَتْهُ الزَّنَادِقَةُ يُسَمُّونَهُ التَّغْبِيرَ يَصُدُّونَ بِهِ النَّاسَ عَنْ الْقُرْآنِ. فَإِذَا كَانَ هَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي التَّغْبِيرِ وَتَعْلِيلِهِ لَهُ أَنَّهُ يَصُدُّ عَنْ الْقُرْآنِ وَهُوَ شِعْرٌ مُزْهِدٌ فِي الدُّنْيَا يُغْنِي بِهِ مُغَنٍّ وَيَضْرِبُ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ بِقَضِيبٍ عَلَى نِطْعٍ أَوْ حَجَرَةٍ عَلَى تَوْقِيعِ غِنَاءٍ، فَلَيْتَ شِعْرِي مَا يَقُولُ فِي سَمَاعِ التَّغْبِيرِ عِنْدَهُ كَتَفْلَةٍ فِي بَحْرٍ - قَدْ اشْتَمَلَ عَلَى كُلِّ مَفْسَدَةٍ وَجَمَعَ كُلَّ مُحَرَّمٍ. فَاَللَّهُ بَيَّنَ دِينَهُ، وَبَيَّنَ كُلَّ مُتَعَلِّمٍ مَفْتُونٍ، وَعَابِدٍ جَاهِلٍ.
قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: كَانَ يُقَالُ: احْذَرُوا فِتْنَةَ الْعَالِمِ الْفَاجِرِ، وَالْعَابِدِ الْجَاهِلِ فَإِنَّ فِتْنَتَهُمَا فِتْنَةٌ لِكُلِّ مَفْتُونٍ. وَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ كَعْبٍ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ أَنَّهُ قَالَ: الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الزَّرْعَ، وَالذِّكْرُ يُنْبِتُ الْإِيمَانَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الزَّرْعَ.
قَالَ فِي إغَاثَةِ اللَّهْفَانِ: وَهُوَ صَحِيحٌ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ قَوْلِهِ. وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ ذَمِّ الْمَلَاهِي وَلَفْظُهُ بَعْدَ سِيَاقِ السَّنَدِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الْبَقْلَ» وَالْمَوْقُوفُ أَصَحُّ.
قَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ: السَّمَاعُ يُورِثُ النِّفَاقَ فِي قَوْمٍ، وَالْخَنَا فِي قَوْمٍ، وَالْكَذِبَ فِي قَوْمٍ، وَالْفُجُورَ فِي قَوْمٍ، وَالرُّعُونَةَ فِي قَوْمٍ، وَأَكْثَرُ مَا يُورِثُ عِشْقَ الصُّوَرِ وَاسْتِحْسَانَ الْفَوَاحِشِ، وَإِدْمَانُهُ يُثْقِلُ الْقُرْآنَ عَلَى الْقَلْبِ
1 / 153