132

Ghidha Albab

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Daabacaha

مؤسسة قرطبة

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

1414 AH

Goobta Daabacaadda

مصر

Noocyada

Suufinimo
ارْتَفَعَتَا إلَى نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُد ﵇ ادَّعَتَا وَلَدًا مَعَهُمَا، فَحَكَمَ بِهِ دَاوُد ﵇ لِلْكُبْرَى، فَقَالَ سُلَيْمَانُ ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا، فَسَمَحَتْ الْكُبْرَى بِذَلِكَ، وَقَالَتْ الصُّغْرَى لَا تَفْعَلْ رَحِمَك اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا، فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى. قَالَ فِي الطُّرُقِ الْحُكْمِيَّةِ: فَأَيُّ شَيْءٍ أَحْسَنُ مِنْ اعْتِبَارِ هَذِهِ الْقَرِينَةِ الظَّاهِرَةِ، فَاسْتَدَلَّ بِرِضَى الْكُبْرَى بِذَلِكَ وَأَنَّهَا قَصَدَتْ الِاسْتِرْوَاحَ إلَى التَّأَسِّي بِمُسَاوَاةِ الصُّغْرَى فِي فَقْدِ وَلَدِهَا، وَشَفَقَةُ الصُّغْرَى عَلَيْهِ وَامْتِنَاعُهَا مِنْ الرِّضَا بِذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا هِيَ أُمُّهُ. وَأَنَّ الْحَامِلَ لَهَا عَلَى الِامْتِنَاعِ هُوَ مَا قَامَ بِقَلْبِهَا مِنْ الرَّحْمَةِ وَالشَّفَقَةِ الَّتِي وَضَعَهَا اللَّهُ فِي قَلْبِ الْأُمِّ. انْتَهَى. مَطْلَبٌ: هَلْ الْمُرَادُ بِمَا أُبِيحَ بِهِ الْكَذِبُ التَّوْرِيَةُ أَوْ مُطْلَقًا؟ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَذِبَ مَذْمُومٌ، وَفَاعِلُهُ مِنْ الْخَيْرِ مَحْرُومٌ. وَإِنَّمَا يُبَاحُ لِمَا ذَكَرْنَا. وَقَدْ اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُنَا هَلْ الْكَذِبُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الْمُرَادُ بِهِ التَّوْرِيَةُ أَوْ مُطْلَقًا. فَرِوَايَةُ حَنْبَلٍ عَنْ الْإِمَامِ تَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الْكَذِبِ ابْتِدَاءً. وَرِوَايَةُ ابْنِ مَنْصُورٍ تَدُلُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ، لَكِنَّ الْإِطْلَاقَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ. قَالَ الْحَجَّاوِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى. وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أُمِّ كُلْثُومِ بِنْتِ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ ﵂ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، أَوْ قَالَ بَيْنَ النَّاسِ فَيَقُولُ خَيْرًا أَوْ يُنْمِي خَيْرًا» زَادَ مُسْلِمٌ قَالَتْ وَلَمْ أَسْمَعْهُ «يُرَخِّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ كَذِبًا إلَّا فِي ثَلَاثٍ»، يَعْنِي الْحَرْبَ، وَالْإِصْلَاحَ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثَ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ وَحَدِيثَ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا. وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ قَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يُرَخِّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ كَذِبًا، وَذَكَرَهُ. وَلِأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ: «مَا سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُرَخِّصُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكَذِبِ إلَّا فِي ثَلَاثٍ» الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ مَرْفُوعًا «كُلُّ الْكَذِبِ يُكْتَبُ عَلَى ابْنِ آدَمَ إلَّا ثَلَاثَ خِصَالٍ: رَجُلٌ كَذَبَ لِامْرَأَتِهِ لِيُرْضِيَهَا، أَوْ رَجُلٌ كَذَبَ فِي خَدِيعَةِ حَرْبٍ، أَوْ رَجُلٌ كَذَبَ بَيْنَ امْرَأَيْنِ مُسْلِمَيْنِ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمَا» وَفِي

1 / 139