102

Ghidha Albab

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

Daabacaha

مؤسسة قرطبة

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

1414 AH

Goobta Daabacaadda

مصر

Noocyada

Suufinimo
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ لِبَعْضٍ: لَا حَتَّى تَقُولَ فِي وَجْهِي مَا أَكْرَهُ، فَإِذَا أَخْبَرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ بِعَيْبِهِ لِيَجْتَنِبَهُ كَانَ ذَلِكَ حَسَنًا، وَيَحِقُّ لِمَنْ أُخْبِرَ بِعَيْبِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَقْبَلَ النُّصْحَ وَيَرْجِعَ عَمَّا أُخْبِرَ بِهِ مِنْ عُيُوبِهِ أَوْ يَعْتَذِرَ مِنْهَا إنْ كَانَ لَهُ مِنْهَا عُذْرٌ. وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّوْبِيخِ وَالتَّعْيِيرِ فَهُوَ قَبِيحٌ مَذْمُومٌ. وَقِيلَ لِبَعْضِ السَّلَفِ أَتُحِبُّ أَنْ يُخْبِرَك أَحَدٌ بِعُيُوبِك؟ فَقَالَ إنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُوَبِّخَنِي فَلَا. فَالتَّعْيِيرُ وَالتَّوْبِيخُ بِالذَّنْبِ مَذْمُومٌ. وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ مَرْفُوعًا «مَنْ عَيَّرَ أَخَاهُ بِذَنْبٍ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَعْمَلَهُ» قَالَ الْحَافِظُ: وَحُمِلَ ذَلِكَ عَلَى الذَّنْبِ الَّذِي تَابَ مِنْهُ صَاحِبُهُ. قَالَ: الْمُؤْمِنُ يَسْتُرُ وَيَنْصَحُ، وَالْفَاجِرُ يَهْتِكُ وَيَفْضَحُ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لِمَنْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ: اجْتَهِدْ أَنْ تَسْتُرَ الْعُصَاةَ فَإِنَّ ظُهُورَ عَوْرَاتِهِمْ وَهْنٌ فِي الْإِسْلَامِ، وَأَحَقُّ شَيْءٍ بِالسَّتْرِ الْعَوْرَةُ. وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ «لَا تُظْهِرْ الشَّمَاتَةَ لِأَخِيك فَيَرْحَمُهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيَك» وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ. وَيُرْوَى مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ فِيهِ ضَعْفٌ «الْبَلَاءُ مُوَكَّلٌ بِالْمَنْطِقِ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا عَيَّرَ رَجُلًا بِرَضَاعِ كَلْبَةٍ لَرَضَعَهَا» . وَقَالَ الْحَسَنُ: كَانَ يُقَالُ: مَنْ عَيَّرَ أَخَاهُ بِذَنْبٍ تَابَ مِنْهُ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَبْتَلِيَهُ اللَّهُ بِهِ. وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ «مَنْ عَيَّرَ أَخَاهُ بِذَنْبٍ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَعْمَلَهُ» قَالَ الْحَافِظُ إسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ. انْتَهَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَدْحَ لَا يَكُونُ غِيبَةً مُحَرَّمَةً فِي مَوَاضِعَ. إمَّا لِكَوْنِ الْمَقْدُوحِ فِيهِ مُبْتَدِعًا أَوْ فَاسِقًا مُعْلِنًا. أَوْ فِي الْمَشُورَةِ، لِأَنَّ الْمُسْتَشَارَ مُؤْتَمَنٌ، أَوْ كَوْنُ مَا يَكْرَهُهُ صَارَ لَهُ لَقَبًا كَالْأَعْرَجِ وَالْأَعْمَشِ، أَوْ ذَكَرَ ضَعْفَهُ وَكَذِبَهُ فِي الْجُرْحِ وَالتَّعْدِيلِ لِأَجْلِ حِفْظِ السُّنَنِ، أَوْ مَا يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي النَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ إذَا رَفَعَهُ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى إزَالَتِهِ، وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مُفَصَّلًا. وَنَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: الْقَدْحُ لَيْسَ بِغِيبَةٍ فِي سِتَّةٍ ... مُتَظَلِّمٍ وَمُعَرِّفٍ وَمُحَذِّرٍ وَلِمُظْهِرٍ فِسْقًا وَمُسْتَفْتٍ وَمَنْ ... طَلَبَ الْإِعَانَةَ فِي إزَالَةِ مُنْكَرٍ

1 / 109