ويؤخذ منه - أيضًا: "أنّ ظهور الحزن على المصاب إذا أصيب بمصيبة لا يخرجه عن كونه صابرًا راضيًا إذا كان قلبه مطمئنًا، بل قد يُقال: "إنّ مَن كان ينْزعج بالمصيبة ويعالج نفسه على الرضا والصبر أرفع مرتبة مِمَّن لا يبالي بوقوع المصيبة أصلًا، أشار إلى ذلك الطبري١".
وفي حديث أمر النبي ﷺ بصنع طعام لآل جعفر، فيه ندب تهيئة طعام لأهل الميّت، والإلحاح عليهم في أكله لئلا يضعفوا بتركه٢".
قال السهيلي: "وهذا أصل في طعام التعزية، وتسميه العرب الوضيعة"٣".
قال ابن إسحاق: "سمعت عبد الله بن أبي بكر يقول: "لقد أدركت الناس بالمدينة إذا مات لهم ميّت، تكلّف جيرانهم يومهم ذلك طعامهم، فلكأني أنظر إليهم قد خبزوا خبزًا صغارًا، وصنعوا لحمًا، فجُعِل في جفنة، ثُمّ يأتون به أهل الميّت، وهم يبكون على ميِّتهم، مشتغلين، فيأكلونه لقول رسول الله ﷺ لأهله حين أُصيب جعفر: "لا تغفلوهم أن تصنعوا لهم طعامًا يومهم هذا، ثُمَّ إنّ الناس تركوا ذلك"٤.
١ فتح الباري ٧/٥١٤-٥١٥.
٢ انظر: " (العامري: "بهجة ١/٣٩٠-٣٩١) .
٣ الروض ٧/٤٢.
٤ انظر: " (البيهقي: "دلائل ٤/٣٧٠) .
قلت: "وقد كانت هذه العادة، وهي صُنْع الخبز الصغار لأهل الميّت موجودة في بعض المدن والقرى، أخبرني بذلك الوالد - رحمه الله تعالى - كما ذكر لي بعض الأخوة المصريّين أنّها ما زالت في معظم قرى مصر". والله تعالى أعلم.