Gharamiyyat Catullus
غراميات كاتولوس: فطحل شعراء الغزل الرومان
Noocyada
جاردن ستي في 10 يوليو 1955م
الباب الأول
حياة كاتولوس
لعب الحظ دورا رئيسيا في تخليد أشعار كاتولوس، ذلك الشاعر الروماني الذي اشتهر بغزلياته، ومن ثم في معرفة بعض ما يجب معرفته عن حياته. فلو أن الحظ لم يحرص على صيانة النسخة الخطية الوحيدة لأشعار كاتولوس، ولم يضعها في يد أحد نساخي فيرونا
Verona ؛ لما انتشلها هذا الأخير من الضياع والاندثار بعد أن طال الأمد على فقدانها، حتى كاد المهتمون بالأدب الروماني القديم ييئسون من العثور عليها. فلو لم يقم الحظ بهذا الجميل البين، وهذه الخدمة الجليلة والمساعدة القيمة؛ لحرمنا من عبقرية هذا الشاعر الغزلي الخفيف الظل، ولفوت علينا متعة الاطلاع على هذا اللون الفريد من العشق الروماني القديم، الذي انفردت به أشعار كاتولوس، والذي قلما استطاع شاعر قبله أو بعده أن ينظمه بهذه البراعة، وتلك البساطة، أو هذا الجمال الشعري الساحر الجذاب.
بيد أن أشعار كاتولوس، وإن كانت تميط اللثام عن حياة اللهو ودنيا الغرام إبان تلك العصور الخالية، إلا أنها تزيح الستار أيضا عن الحياة العامة في تلك الحقبة التي عاشت فيها روما قبل أن تتدثر بدثار الإمبراطورية القشيب، مصورة لنا بخيال فتى جمهوري عرك الحياة، كشاب نزق وكشاعر ملهم ملتهب الأحاسيس.
وجدير بالاعتبار أنه يجب علينا ألا ننسى أصدقاء كاتولوس الآخرين الذين احترفوا مهنة الكتابة، كما يجب ألا يغيب عن بالنا ما تعرضت له كتاباتهم وأعمالهم الأدبية من الموت المبكر، ومن ثم نستطيع أن نستبين فضل القدر العظيم علينا وعلى أجيالنا، بأن قيد سبيل النجاة لكاتولوس وحده من بين حشد كتاب عصره الكثيرين، فأبقاه لنا كخير قبس تستضيء به الأجيال للوقوف على أدق تفاصيل الحياة العامة في خضم العالم الذي عاش فيه.
فمن يكون كاتولوس هذا؟ ومن أي بيت انحدر؟ وأي حياة تلك التي عاشها؟ وكيف خلقت منه الأيام ذلك الشاعر المرهف الأحاسيس النقي السريرة؟
لم يولد كاتولوس في روما ولا في مدينة عظيمة من مدن إيطاليا المشهورة، ولكن في بلدة صغيرة بأحد تخوم إيطاليا تسمى فيرونا، وكانت ملتقى عدة طرق؛ منها طريق جنوبي إلى بدرياكوم
Bedriacum
Bog aan la aqoon