أقاويل وإشاعات
وقد سر السفراء الأجانب إذ وجدوا شيئا مثيرا للاهتمام يمكنهم أن يفصلوا خبره في رسائلهم إلى حكوماتهم، وكان أكثر هؤلاء السفراء الأجانب اهتماما بهذه المسألة وتتبعا لتفاصيلها ودقائقها هو السفير الإسباني، واسمه كودرا.
كانت الكلفة مرفوعة بين الملكة وروبرت حتى أمام الجموع المحتشدة؛ ولذا بدأ الموجودون بالقصر يستغربون ما يشهدون ويشمئزون منه، وأخذ الناس يتهامسون إذ ذاك فيقولون: إنه لو تمكن اللورد روبرت ددلي من التخلص من زوجته، فربما أمكنه الوصول إلى مركز الملك أو نائب الملك.
وكان كودرا السفير الإسباني يسيء الظن باللورد روبرت ددلي إلى أبعد حد، حتى لقد وصفه فقال عنه في رسائله إلى حكومته: «هو أسوأ شاب قابلته في حياتي، فهو بلا قلب ولا روح، كله خيانة وقسوة. وهو يزداد في طغيانه يوما بعد يوم، ويقولون اليوم إنه ينوي أن يطلق زوجته.»
ولما بلغت هذه الإشاعة آذان شقيق آمي؛ أرسل إلى أحد أصدقائه يقول له: «يجب أن يقلع اللورد روبرت عن نواياه هذه بخصوص طلاق شقيقتي، وإلا فإنه لن يموت الميتة الطبيعية.»
وبدأت الإشاعات تنتشر في المملكة حتى لقد قبض على امرأة وأرسلت إلى السجن؛ لأنها سمعت تتحدث فتقول: إن للملكة ولدا من اللورد روبرت ددلي.
وإذ ذاك هدد السياسي الكبير، سيسيل، الملكة بالاستقالة إذا استمرت على إظهار الميل لروبرت ددلي بهذا الشكل الفاضح، الذي جعل البلاد كلها تتحدث عن علاقته بها، ومع أن أحدا لم يتمكن من أن يذكر كلمة من هذا في حضرة الملكة، إلا أن الناس في خارج القصر كانوا يتحدثون بصراحة فيقولون إن روبرت ليس هو فقط السيد الآمر في شئون الدولة، بل هو صاحب السلطان على شخص الملكة. وقد صارح سيسيل، السياسي الكبير، سفير إسبانيا فقال له إنه لا يشك في أن الملكة وعشيقها يفكران في القضاء على حياة زوجة روبرت؛ آمي روبزارت. كما راجت إشاعة بأن النية معقودة على التخلص من اللورد روبرت ددلي بواسطة السم. ولم تتردد شقيقة روبرت نفسه في أن تخبر كودرا، السفير الإسباني، بأن السم سيقدم للملكة ولعشيقها مدسوسا في الطعام في وليمة خاصة تقام لهما، فكتب هذا السفير يقول:
يمكن أن يتنبأ المرء بسهولة بأن اللورد روبرت ددلي هو الملك المقبل، ولكن يخطئ من يظن أن الشعب الإنجليزي سيوافق على ذلك بسهولة، أو أنه سيشاهد ذلك وهو مكتوف اليدين؛ إذ ليس هناك رجل أو امرأة يمر بالملكة وباللورد روبرت إلا ويقابلهما بصيحات الازدراء والاستنكار. وأخذت المسألة تزداد سوءا حتى امتنع اللورد روبرت نهائيا عن الذهاب إلى نورفولك؛ حيث كانت زوجته تعيش وحدها شقية بائسة بعد أن أهملها.
في قصر كمنور
وفي صيف عام 1560، وكان قد مضى على إليزابيث عامان وهي تحكم البلاد، أرسل اللورد روبرت ددلي إلى زوجته يخبرها أنه يرغب منها أن تنتقل إلى قصر كمنور، وهو قصر جميل بالريف بناحية أكسفورد. والظاهر أن آمي روبزارت ذهبت إلى هناك دون أن تساورها ريبة ما، وشعرت بشيء من الرضا والسرور حين رأت جمال قصر كمنور، وعرفت أنه يفضل بكثير قصر نورفولك حيث كانت تعيش من قبل. وقد كان قصر كمنور على الأقل أقرب إلى لندن من أي قصر آخر.
Bog aan la aqoon