النهاية
وكان الضباط الذين وقع عليهم الاختيار لدخول القصر قد أفرطوا في شرب الخمر؛ فساروا في الردهات وهم يقتلون برصاصهم كل من يعترض طريقهم من رجال الحرس، حتى صعدوا إلى الطابق العلوي حيث يوجد مخدع الملك، ووقفوا هناك عند بابه ثم ترددوا في الدخول.
وكان الملك والملكة قد أفاقا من نومهما على صوت الرصاص؛ ففهما كل شيء في الحال، ووقفا متلاصقين وراء الباب وقد أخذا يرتجفان خوفا من مصيرهما.
وتشجع المتآمرون بعد ذلك، فحاولوا فتح الباب إلا أنهم وجدوه مغلقا بإحكام بحيث لا يمكن فتحه بسهولة؛ فأرسلوا في الحال من يستحضر لهم فأسا لتحطيمه، ووصل في تلك اللحظة رئيس الحرس، فحاول أن ينقذ الملك ويبعد الثائرين السكارى عن باب مخدعه حتى يساعده على الفرار، إلا أنه لم يفلح في إدراك غرضه، وكانت الفأس قد وصلت إذ ذاك؛ فبدأ الضباط يحطمون الباب بها دون هوادة أو تردد.
وجها لوجه
وأدرك رئيس الحرس أنه لا فائدة ترجى من وراء المقاومة؛ إذ وجد القصر كله مطوقا بالجنود، فأخذ يهدئ من ثائرة الضباط، ووعدهم بأن يطلب من الملك أن يفتح لهم الباب بنفسه إذا أقسموا له أن يتقدموا إليه بشكواهم ومطالبهم دون أن يلحقوا به أي أذى. وأقسم بعض الضباط على ذلك، فتقدم رئيس الحرس وخاطب الملك من وراء الباب فقال له: افتح لهم يا مولاي باب المخدع؛ فإن الطارقين من ضباط جيشك وهم لا يريدون بك شرا.
ولما سمع الملك صوت رئيس حرسه - وكان يعرف إخلاصه - اطمأن قليلا وفتح الباب في الحال، فوجد المتآمرون الثائرون أنفسهم وجها لوجه أمام الملك والملكة وهما بملابس النوم، وقد استعادا رباطة جأشهما وثباتهما. وتقدم الملك خطوة إلى الأمام، ثم وجه الحديث إلى الضباط فقال لهم بلهجة حازمة متزنة: ماذا تريدون مني في هذه الساعة المتأخرة؟ أهذا دليل إخلاصكم لملككم؟
وشعر الضباط برهبة الموقف، وترددوا فلم يحر أحدهم جوابا، ولم يعرفوا ما يجب أن يفعل أو يقال وهم في ذلك الموقف، إلا أن ضابطا ثملا من بينهم كان يمتاز بالجسارة والإقدام صاح بهم: ماذا أصابكم أيها الجبناء؟ هل شل الخوف ألسنتكم وأيديكم؟! انظروا! هأنذا أقدم للملك رمز ولائي.
وأخرج مسدسه في الحال وأطلق رصاصة منه على الملك؛ فخر صريعا بين ذراعي زوجته! وكأن لهذه الرصاصة الأولى تأثير الكهرباء في نفوس الآخرين؛ فأسرعوا جميعا وأخرجوا مسدساتهم، وأطلقوا النار على الملك والملكة، وأخذ الرصاص ينهال من كل ناحية على الجثتين حتى مزق جلدهما، ولم يكتف القتلة بذلك، بل استلوا سيوفهم وأعملوا فيهما تمثيلا حتى صاح قائدهم: ألقوا بهما من النافذة، اقذفوا بهما إلى الكلاب.
وجروا جسد دراجا أولا حتى النافذة، ثم ألقوه منها إلى حديقة القصر، وألقوا بعد ذلك بجثة الملك وراءه.
Bog aan la aqoon