196

الثمرات ، ومن المنكح وهو الأزواج المطهرات ، ثم زال عنهم نقص الزوال بقوله ( وهم فيها خالدون ) إتماما للنعمة والحبور وتكميلا للبهجة والسرور. والبشارة الإخبار بما يظهر سرور المخبر به ، ولهذا قال العلماء : إذا قال لعبيده : أيكم بشرني بقدوم فلان فهو حر فبشروه فرادى ، عتق أولهم لأنه هو الذي أظهر سروره بخبره ولو قال : مكان بشرني أخبرني عتقوا جميعا لأنهم جميعا أخبروه. ومنه البشرة لظاهر الجلد ، وتباشير الصبح ما ظهر من أوائل ضوئه. فأما قوله ( فبشرهم بعذاب أليم ) [آل عمران : 21] فمن باب التهكم والاستهزاء ، فإن قيل : علام عطف هذا الأمر ولم يسبق أمر ولا نهي يصح عطفه عليه؟ قلنا : ليس الذي اعتمد بالعطف هو الأمر حتى يطلب له مشاكل من أمر أو نهي ، إنما المعتمد بالعطف هو جملة وصف ثواب المؤمنين على جملة وصف عقاب الكافرين ، كما تقول : زيد يعاقب بالقيد والإرهاق ، وبشر عمرا بالعفو والإطلاق ، ولك أن تقول معطوف على ( فاتقوا ) كقولك : يا بني تميم احذروا عقوبة ما جنيتم ، وبشر يا فلان بني أسد بإحساني إليهم. وقال بعض المحققين : إنه معطوف على قل مقدرا قبل ( يا أيها الناس ) فإن تقدير القول في القرآن مع وجود القرينة غير عزيز كقوله تعالى ( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا ) أي يقولان : ربنا. ثم المأمور في قوله ( وبشر ) إما الرسول ، وإما كل من له استئهال أن يبشر. والصالحة نحو الحسنة في جريها مجرى الاسم. قال الحطيئة :

كيف الهجاء وما تنفك صالحة

من آل لأم بظهر الغيب تأتيني

واللام للجنس.

والمراد بالصالحات جملة الأعمال الصحيحة المستقيمة في الدين على حسب حال المؤمن في مواجب التكليف. واستدل بهذه الآية من قال : إن الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان ، وإلا لزم التكرار ، ولمن زعم أن الإيمان هو المجموع أن يقول عطف بعض الأجزاء على الكل جائز لغرض من الأغراض كقوله تعالى ( وملائكته ورسله وجبريل وميكال ) [البقرة : 98] ثم هاهنا مذاهب : منهم من قال : إن العبد لا يستحق على الطاعة ثوابا ولا على المعصية عقابا استحقاقا عقليا واجبا وهو قول أهل السنة ولا يرد عليه إشكال. ومنهم من زعم أنه يستحق الثواب بالإيمان والعمل الصالح بشرط أن لا يحبطهما المكلف بالكفر والإقدام على الكبائر ، وبالندم على ما أوجده من فعل الطاعة وترك المعصية بدليل قوله ( لئن أشركت ليحبطن عملك ) [الزمر : 65]. وإنما طوي ذكر هذا الشرط في الآية للعلم به فإنه قد ركز في العقول أن الإحسان إنما يستحق فاعله عليه المثوبة والثناء إذا لم يتعقبه بما يفسده ويذهب بحسنه ، وهذا قول المعتزلة ومن يجري مجراهم. ومنهم من أحال القول

Bogga 198