Ghandi Sira Dhatiyya
غاندي السيرة الذاتية: قصة تجاربي مع الحقيقة
Noocyada
الفصل الرابع
ممارسة دور الزوج
ظهر، في المدة التي تزوجت فيها تقريبا، عدد قليل من الكتيبات التي تناقش موضوعات مثل: الحب بين الزوج والزوجة، والاقتصاد في النفقات، وزواج الأطفال، وغيرها من الموضوعات. وكانت تباع مقابل بايس أو باية
1 (لا يحضرني المبلغ بالضبط). وكنت كلما وقعت عيني على أي من تلك الكتيبات، أتصفحها بالكامل، ولكنني كنت أنفذ الأجزاء التي تروقني، أما الأجزاء التي كانت لا تروقني فكنت أنساها. فالإخلاص الأبدي للزوجة، الذي تصوره تلك الكتيبات على أنه واجب على الزوج؛ ظل مغروسا في قلبي إلى الأبد. ولما كان الصدق متأصلا في نفسي فقد كانت خيانة زوجتي مسألة مستحيلة؛ وبالإضافة إلى ذلك، لم يكن أمامي الكثير من فرص الخيانة في تلك السن الصغيرة.
ولكن درس الإخلاص هذا كان له أثر مشئوم أيضا. حدثت نفسي قائلا: «إذا كنت سأخلص لزوجتي، فيجب عليها هي أيضا أن تخلص لي.» فجعلت تلك الفكرة مني زوجا غيورا، وتحول واجب إخلاصي لها ببساطة إلى حقي في الحصول على إخلاصها المطلق . ولتحقيق ذلك الإخلاص المطلق، كان علي أن أتمسك بحقي هذا بقوة ويقظة . بالطبع لم يكن هناك ما يدعوني للشك في إخلاص زوجتي، لكن الغيرة عمياء. كان علي أن أراقب تحركاتها باستمرار، فكانت لا تستطيع الخروج دون إذني، وغرست هذه المسألة بذور الشجار المر بيننا. وكانت القيود التي فرضتها عليها بمنزلة السجن، ولكن كاستوربا لم تكن من الفتيات اللاتي يمكن أن يتحملن مثل ذلك السجن، فقد حرصت على أن تخرج وقتما شاءت، وكلما فرضت عليها مزيدا من القيود، تصرفت هي بمزيد من الحرية، مما زاد من غضبي. فأصبح امتناع كل منا عن محادثة الآخر روتينا يوميا لحياتنا، ولا عجب فقد كنا مجرد أطفال. وأجد أن تصرف كاستوربا بهذه الطريقة كان طبيعيا جدا في ظل القيود التي فرضتها عليها، فكيف تتحمل فتاة بسيطة مثلها أي قيود تمنعها من زيارة المعبد أو زيارة صديقاتها؟ وإذا كنت أملك الحق في فرض القيود عليها، أليس من حقها هي أيضا أن تفرض علي قيودا؟ لقد أدركت كل هذه الأمور الآن فقط، ولكن آنذاك كان علي النجاح في فرض سيطرتي كزوج.
لا أريد أن يظن القارئ أن حياتنا كانت مسلسلا من التعاسة المطلقة؛ فقسوتي على زوجتي كانت بدافع الحب، فقد كنت أطمح في أن أجعلها مثالية، وأن تحيا حياة نقية وأن تتعلم ما لدي من علم وأن تتوحد حياتنا وأفكارنا.
لا أعلم ما إذا كان لدى كاستوربا مثل ذلك الطموح، فقد كانت أمية، إلى جانب أنها كانت بطبيعتها بسيطة ومستقلة ومحافظة ومثابرة، على الأقل حين تتعامل معي. وكانت متقبلة لجهلها، ولا أذكر أن دراساتي استطاعت قط أن تحفزها كي تخوض نفس تجربتي، ولذلك أعتقد أن طموحي كان أحادي الجانب. لقد كانت عاطفتي موجهة إلى امرأة واحدة فقط، وكنت أرغب في أن يكون الشعور متبادلا، ومع أن ذلك الشعور لم يكن متبادلا فإن الحياة لم تكن شقاء دائما لأن الحب كان موجودا على الأقل من طرف واحد.
يجب أن أعترف أنني كنت مغرما بها، حتى وأنا في المدرسة ، اعتدت أن أفكر فيها وكان دائما ما يراودني حلول الليل ولقاؤنا المقبل ، لم أكن أحتمل البعد عنها، وقد اعتدت أن أجعلها مستيقظة لساعات متأخرة من الليل وأنا أحدثها بكلام غير ذي قيمة. لو لم يصاحب هذه العاطفة الفياضة التزام شديد بالواجب، لكان من الممكن أن أقع فريسة للمرض والموت المبكر أو أن أغرق في ظلمات حياة مليئة بالهموم. كان علي أن أقوم بواجباتي صباح كل يوم. وكان من المستحيل أن أكذب على أي شخص، الأمر الذي أنجاني من الكثير من المصائب.
سبق أن ذكرت أن كاستوربا كانت أمية. وكنت أتوق لتعليمها، ولكن الحب الشهواني لم يبق لي وقتا كي أعلمها. فمن ناحية لم تكن ترغب في التعلم، ومن ناحية أخرى كان علي أن أعلمها ليلا، لم أكن أجرؤ على أن أقابلها في حضور الكبار، ولا أن أحدثها بالطبع. كانت كاثياوار حينذاك تتبنى، ولا تزال بقدر ما، عادة حجب النساء (البردة)، التي أراها غريبة وعقيمة وهمجية، ومن ثم، لم تكن الظروف مواتية لتعليمها. ويجب أن أعترف أن أغلب جهودي لتعليم كاستوربا في شبابنا باءت بالفشل، وعندما تحررت من أسر الشهوة، كنت قد انخرطت بالفعل في الحياة العامة التي لم تترك لي الكثير من وقت الفراغ. وفشلت أيضا في تعليمها بواسطة معلمين خصوصيين، ونتيجة لذلك، لا تستطيع كاستوربا حاليا إلا كتابة بعض حروف قليلة وبصعوبة، بالإضافة إلى فهم اللغة الجوجراتية البسيطة. وأنا على يقين بأنه لو كان حبي لها خاليا تماما من الشهوة، لأصبحت امرأة متعلمة الآن. ويرجع ذلك إلى أنني كنت سأستطيع حينها أن أقهر كرهها للدراسة، فلا شيء يستعصي على الحب الطاهر.
سبق أن ذكرت إحدى الوقائع التي حدثت لي وأسهمت بقدر ما في إنقاذي من مصائب الحب الشهواني، وقد وقع حدث آخر يستحق الذكر أثبت لي - بجانب العديد من الأمثلة الأخرى - أن الإله ينجي أصحاب الدوافع النبيلة في النهاية. تسيطر على المجتمع الهندي عادة أخرى تحد إلى درجة ما من شر عادة تزويج الأطفال الوحشية، وتتمثل هذه العادة في أن الوالدين لا يسمحان للزوجين الصغيرين بالبقاء معا لفترة طويلة. فتقضي الفتاة المتزوجة ما يزيد على نصف الوقت في منزل والدها، كما كان حالي مع زوجتي، ففي الخمس سنوات الأولى من زواجنا (من سن الثالثة عشرة إلى الثامنة عشرة)، لم نعش معا فترة تزيد على ثلاث سنوات في مجموعها، وكنا نادرا ما نكمل ستة أشهر معا دون استدعاء والديها لها، لقد كان ذلك الأمر يضايقنا كثيرا في تلك الأيام ولكنه مع هذا كان درعا لحمايتنا. وعند بلوغي سن الثامنة عشرة، رحلت إلى إنجلترا مما أدى إلى مدة طويلة وصحية من الانفصال. وحتى بعد عودتي من إنجلترا، كنا نادرا ما نمضي معا فترة تزيد على ستة أشهر حيث إنني كنت أتنقل بين راجكوت وبومباي. ثم كانت دعوة جنوب أفريقيا، وكنت وقتها قد تخلصت تماما من الشهوة الجسدية.
Bog aan la aqoon