Ghamz Cuyun al-Basa'ir
غمز عيون البصائر شرح كتاب الأشباه والنظائر ( لزين العابدين ابن نجيم المصري )
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٠٥هـ - ١٩٨٥م
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[غمز عيون البصائر]
تَرَكْت الْقِيَانَ وَعَزْفَ الْقَيَانِ ... وَأَدْمَنْت تَصْلِيَةً وَابْتِهَالًا
وَهُوَ مِنْ شِعْرٍ أَنْشَدَهُ ثَعْلَبٌ وَلَهُ قِصَّةٌ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ ذَكَرهَا ثُمَّ قَالَ قَوْلَهُ تَصْلِيَةً وَابْتِهَالًا تَصْلِيَةً مِنْ الصَّلَاةِ وَابْتِهَالًا مِنْ الدُّعَاءِ يُقَالُ صَلَّيْت صَلَاةً وَتَصْلِيَةً (انْتَهَى) . وَقَدْ ذَكَرَهُ الزَّوْزَنِيُّ فِي مَصَادِرِهِ فَقَالَ: التَّصْلِيَةُ " نماز كردن ودروددان " (انْتَهَى) . وَكَأَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَهُ أَكْثَرُ أَهْلِ اللُّغَةِ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ قِيَاسِيٌّ وَأَهْلُ اللُّغَةِ عِنَايَتُهُمْ بِالْمَصَادِرِ السَّمَاعِيَّةِ دُونَ الْقِيَاسِيَّةِ فَتَرْكُهُمْ لَهُ وَإِنْ سُمِعَ اتِّكَالًا عَلَى الْقِيَاسِ. وَعَلَى هَذَا فَتَرْكُ اسْتِعْمَالِ التَّصْلِيَةِ فِي الْخُطَبِ إنَّمَا هُوَ لِإِيهَامِ اللَّفْظِ مَا لَيْسَ مُرَادًا وَهُوَ التَّصْلِيَةُ بِمَعْنَى التَّعْذِيبِ بِالنَّارِ فَإِنَّهُ مُصْدَرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ يُقَالُ صَلَاهُ تَصْلِيَةً كَمَا يُقَالُ صَلَّى تَصْلِيَةً لَا لِعَدَمِ السَّمَاعِ. وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لِلْعَلَّامَةِ مُحَمَّدٍ الْقُهُسْتَانِيِّ وَالصَّلَاةُ اسْمٌ مِنْ التَّصْلِيَةِ وَكِلَاهُمَا مُسْتَعْمَلٌ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ بِمَعْنَى أَدَاءِ الْأَرْكَانِ، فَإِنَّ مَصْدَرَهُ لَمْ يُسْتَعْمَلْ كَمَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ. وَأَلِفُهَا مُنْقَلِبَةٌ عَنْ الْوَاوِ وَلَمْ يُكْتَبْ بِهَا إلَّا فِي الْقُرْآنِ كَمَا قَالَ ابْنُ دُرُسْتَوَيْهِ (انْتَهَى) . هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِلَفْظِهَا عَلَى سَبِيلِ الْإِيجَازِ وَأَمَّا مَعْنَاهَا فَفِي الْكَشَّافِ فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى ﴿يُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾ [المائدة: ٥٥] أَنَّهَا تَحْرِيكُ الصَّلَاتَيْنِ حَقِيقَةً سُمِّيَتْ بِهَا الْأَرْكَانُ الْمَخْصُوصَةُ لِتَحَرُّكِهِمَا فِيهَا ثُمَّ سُمِّيَ بِهَا الدُّعَاءُ تَشْبِيهًا لِلدَّاعِي بِالْمُصَلِّي فِي تَخَشُّعِهِ فَهِيَ فِي الدُّعَاءِ اسْتِعَارَةٌ مِنْ الْمَجَازِ الْمُرْسَلِ. وَفِي الْكَشَّافِ أَيْضًا عِنْدَ قَوْله تَعَالَى ﴿هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ﴾ [الأحزاب: ٤٣] أَنَّ الصَّلَاةَ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَرْكَانِ الْمَخْصُوصَةِ ثُمَّ نُقِلَتْ إلَى الِانْعِطَافِ عَلَى وَجْهِ التَّرَحُّمِ كَانْعِطَافِ عَائِدِ الْمَرِيضِ عَلَيْهِ وَالْمَرْأَةِ عَلَى وَلَدِهَا لِوُجُودِهِ فِيهَا، ثُمَّ مِنْهُ إلَى الدُّعَاءِ فَيَكُونُ فِي الدُّعَاءِ مَجَازًا عَنْ الِاسْتِعَارَةِ (انْتَهَى) . وَفِي الْفَائِقِ أَنَّ الصَّلَاةَ تَقْوِيمُ الْعُودِ ثُمَّ قِيلَ لِلرَّحْمَةِ صَلَاةٌ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى تَقْوِيمِ الْعَمَلِ ثُمَّ نُقِلَتْ إلَى الدُّعَاءِ فَهِيَ فِي الدُّعَاءِ مَجَازٌ مُرْسَلٌ عَنْ الِاسْتِعَارَةِ (انْتَهَى) . وَلَا يَخْفَى مَا بَيْنهمَا مِنْ الْخِلَافِ وَقَدْ تَعَقَّبَ مَا فِي الْكَشَّافِ الْعَلَّامَةُ سَعْد الدَّيْن فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾ [البقرة: ٣] بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِنْصَافَ هُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ أَنَّهَا حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ فِي الدُّعَاءِ مَجَازٌ فِي الْعِبَادَةِ الْمَخْصُوصَةِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الدُّعَاءِ وَبَيَّنَ ذَلِكَ أَحْسَنَ بَيَانٍ. وَهَذَا هُوَ مَا اشْتَهَرَ بَيْنَهُمْ. وَفِي بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ لِابْنِ الْقَيِّمِ قَوْلُهُمْ الصَّلَاةُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِمَعْنَى الرَّحْمَةِ،
1 / 12