صلى الله عليه وسلم
يرشفه، أما إنك يا يزيد تجيء يوم القيامة وابن زياد شفيعك، ويجيء هذا ومحمد شفيعه.» قال ذلك ثم قام وولى.
فلما سمع يزيد قول الرجل نظر إلى الرأس وعيناه لا تزالان تدمعان وقال: والله يا حسين لو كنت أنا صاحبك ما قتلتك. ثم التفت إلى الناس وقال: «أتدرون من أين أتى هذا ولماذا قتل؟ لأنه علم أن الله أكرم يزيد بالخلافة. قال: أبي علي خير من أبيه، وأمي فاطمة خير من أمه، وجدي رسول الله خير من جده، وأنا خير منه وأحق بهذا الأمر منه.» فأما قوله: أبي خير من أبيه، فقد تحاج أبي وأبوه إلى الله، وعلم الناس أيهما حكم الله له. وأما قوله أمه خير من أمي فلعمري فاطمة بنت الرسول خير من أمي. وأما قوله: جدي رسول الله خير من جده، فلعمري ما أحد يؤمن بالله وباليوم الآخر يرى لرسول الله فينا عدلا ولا ندا، ولكنه إنما أتي من قبل فقهه ولم يقرأ:
قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء .
فلما فرغ يزيد من كلامه علم الناس أنه إنما قال ما قاله تخفيفا لهول فعلته، ولم يجرؤ أحد منهم على قول فسكتوا، ثم سمع يزيد جلبة في الدار فقال: ما هذه الجلبة؟
فقال غلامه: هؤلاء نساء الحسين في صحن الدار.
قال: أدخلوهن.
فأدخلوهن وفيهن زينب أخت الحسين، ومعها فاطمة وسكينة بنتا الحسين وبقية النساء، وفي جملتهن سلمى، وكانت سلمى مقنعة كسائر النساء فلم تكن تخاف أن يعرفها يزيد، وبالغت في التقنع لإخفاء أمرها، ولكنها ما كادت ترى تلك القاعة حتى تذكرت يومها في دار يزيد وموقف عبد الرحمن هناك، فتجددت أحزانها، على أنها صبرت لترى ما يكون.
أما سكينة وفاطمة فتطاولتا من وراء الناس لتريا رأس أبيهما، ويزيد يستره عنهما، فلما رأتا الرأس صاحتا وصاح سائر النساء، وولولت بنات معاوية، وقالت سكينة وكانت أكبر من فاطمة: أبنات رسول الله سبايا يا يزيد؟!
فأثر قولها فيه فقال: يا ابنة أخي إني لهذا كنت أكره.
Bog aan la aqoon