Garden of the Virtuous, Abridged of Nayl Al-Awtar
بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار
Daabacaha
دار إشبيليا للنشر والتوزيع
Daabacaad
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1419 AH
Goobta Daabacaadda
الرياض
Noocyada
Culuumta Xadiiska
قَوْلُهُ ﷺ: «مَنْ تَرَكَ أَنْ يَلْبَسَ صَالِحَ الثِّيَابِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ تَوَاضُعًا لِلَّهِ ﷿» إلى آخره. قَالَ الشَّارِحُ: وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الزُّهْدِ فِي الْمَلْبُوسِ وَتَرْكِ لُبْسِ حَسَنِ الثِّيَابِ وَرَفِيعِهَا لِقَصْدِ التَّوَاضُعِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ لُبْسَ مَا فِيهِ جَمَالٌ زَائِدٌ مِنْ الثِّيَابِ يَجْذِبُ بَعْضَ الطِّبَاعِ إلَى الزَّهْوِ وَالْخُيَلَاءِ وَالْكِبْرِ، وَقَدْ كَانَ هَدْيُهُ ﷺ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ الْقَيِّمِ أَنْ يَلْبَسَ مَا تَيَسَّرَ مِنْ اللِّبَاسِ: الصُّوفِ تَارَةً، وَالْقُطْنِ أُخْرَى، وَالْكَتَّانِ تَارَةً، وَلَبِسَ الْبُرُودَ الْيَمَانِيَّةَ، وَالْبُرْدَ الْأَخْضَرَ، وَلَبِسَ الْجُبَّةَ وَالْقَبَاءَ وَالْقَمِيصَ إِلِى أَنْ قَالَ: قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: كَانُوا يَكْرَهُونَ الشُّهْرَتَيْنِ مِنْ الثِّيَابِ الْعَالِي وَالْمُنْخَفِضِ.
قَوْلُهُ: «مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ فِي الدُّنْيَا أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . قَالَ الشَّارِحُ: قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: الشُّهْرَةُ ظُهُورُ الشَّيْءِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ ثَوْبَهُ يَشْتَهِرُ بَيْنَ النَّاسِ لِمُخَالَفَةِ لَوْنِهِ لِأَلْوَانِ ثِيَابِهِمْ فَيَرْفَعُ النَّاسُ إلَيْهِ أَبْصَارَهُمْ، وَيَخْتَالُ عَلَيْهِمْ بالْعُجْبِ وَالتَّكَبُّرُ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ لُبْسِ ثَوْبِ الشُّهْرَةِ وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ مُخْتَصًّا بِنَفِيسِ الثِّيَابِ، بَلْ قَدْ يَحْصُلُ ذَلِكَ لِمَنْ يَلْبَسُ ثَوْبًا يُخَالِفُ مَلْبُوسَ النَّاسِ مِنْ الْفُقَرَاءِ، لِيَرَاهُ النَّاسُ فَيَتَعَجَّبُوا مِنْ لُبْسِهِ وَيَعْتَقِدُوهُ.
قَوْلُهُ ﷺ: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . قَالَ الشَّارِحُ: الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ جَرِّ الثَّوْبِ خُيَلَاءَ. وَالْمُرَادُ بِجَرِّهِ هُوَ جَرُّهُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ ﷺ: «مَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ مِنْ الْإِزَارَ فِي النَّارِ» . وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْإِسْبَالَ مُحَرَّمٌ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. وَقَدْ فَهِمَتْ
أُمُّ سَلَمَةَ ذَلِكَ لَمَّا سَمِعَتْ الْحَدِيثَ فَقَالَتْ: فَكَيْفَ تَصْنَعُ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: «يُرْخِينَهُ شِبْرًا» . فَقَالَتْ: إذن يَنْكَشِفَ أَقْدَامُهُنَّ، قَالَ: «فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ» . وَلَكِنَّهُ قَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ الْإِسْبَالِ لِلنِّسَاءِ، وَظَاهِرُ التَّقْيِيدِ بِقَوْلِهِ: «خُيَلَاءَ» . يَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ أَنَّ جَرَّ الثَّوْبِ لِغَيْرِ الْخُيَلَاءِ لَا يَلْحَقُهُ الْوَعِيدُ إلَّا أَنَّهُ مَذْمُومٌ. قَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ مَكْرُوهٌ وَهَذَا نَصُّ الشَّافِعِيِّ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُجَاوِزَ بِثَوْبِهِ كَعْبَهُ وَيَقُولُ: لا أَجُرُّهُ خُيَلَاءَ، لِأَنَّ النَّهْيَ قَدْ تَنَاوَلَهُ لَفْظًا.
1 / 212