219

Garden of the Virtuous, Abridged of Nayl Al-Awtar

بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار

Daabacaha

دار إشبيليا للنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م

Goobta Daabacaadda

الرياض

Noocyada

فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الشَّرْعُ مِنْ الصَّلَاةِ فِي الْمَقَابِرِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي فِيهَا النَّجَاسَةُ كَالْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ، وَكَذَا مَا نَهَى عَنْهُ لِمَعْنًى آخَرَ، فَمِنْ ذَلِكَ أَعْطَانُ الْإِبِلِ، وَمِنْهُ قَارِعَةُ الطَّرِيقِ وَالْحَمَّامُ وَغَيْرِهِمَا. انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: أَحَادِيثُ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ إلَى الْقُبُورِ وَالصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ أَحَادِيثُ مُتَوَاتِرَةٌ لَا يَسَعُ أَحَدًا تَرْكُهَا. قَالَ الشَّارِحُ: وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ. فَذَهَبَ أَحْمَدُ إلَى تَحْرِيمِ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْمَنْبُوشَةِ وَغَيْرِهَا، وَلَا بَيْنَ أَنْ يُفْرَشَ عَلَيْهَا شَيْئًا يَقِيهِ مِنْ النَّجَاسَةِ أَمْ لَا، وَلَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الْقُبُورِ أَوْ فِي مَكَان مُنْفَرِدٍ عَنْهَا كَالْبَيْتِ. وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَتْ الظَّاهِرِيَّةُ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ. قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَبِهِ يَقُولُ طَوَائِفُ مِنْ السَّلَفِ. قَالَ الشَّارِحُ: وَقَدْ ذَهَبَ إلَى تَحْرِيمِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ الْمَنْصُورُ بِاَللَّهِ وَالْهَادَوِيَّةُ، وَصَرَّحُوا بِعَدَمِ صِحَّتِهَا إنْ وَقَعَتْ فِيهَا. وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَقْبَرَةِ الْمَنْبُوشَةِ وَغَيْرِهَا، فَقَالَ: إذَا كَانَتْ مُخْتَلِطَةً بِلَحْمِ الْمَوْتَى وَصَدِيدِهِمْ، وَمَا يَخْرُجُ مِنْهُمْ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ فِيهَا لِلنَّجَاسَةِ، فَإِنْ صَلَّى رَجُلٌ فِي مَكَان طَاهِرٍ مِنْهَا أَجْزَأَتْهُ. وَإِلَى مِثْلِ ذَلِكَ ذَهَبَ أَبُو طَالِبٍ وَأَبُو الْعَبَّاسِ وَالْإِمَامُ يَحْيَى مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: أَمَّا الْمَقْبَرَةُ فَالصَّلَاةُ مَكْرُوهَةٌ فِيهَا بِكُلِّ حَالٍ. وَذَهَبَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ إلَى كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا كَمَا فَرَّقَ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ مَعَهُ. وَذَهَبَ
مَالِكٌ إلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ وَعَدَمِ الْكَرَاهَةِ، وَالْأَحَادِيثُ تَرُدُّ عَلَيْهِ وَقَدْ احْتَجَّ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ بِمَا يَقْضِي مِنْهُ الْعَجَبَ فَاسْتَدَلَّ لَهُ بِأَنَّهُ ﷺ صَلَّى عَلَى قَبْرِ الْمِسْكِينَةِ السَّوْدَاءِ، وَأَحَادِيثُ النَّهْيِ الْمُتَوَاتِرَةُ كَمَا قَالَ ذَلِكَ الْإِمَامُ لَا تَقْصُرُ عَنْ الدَّلَالَةِ عَلَى التَّحْرِيمِ الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ لَهُ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ النَّهْيَ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، فَيَكُونُ الْحَقُّ التَّحْرِيمَ وَالْبُطْلَانَ، لِأَنَّ الْفَسَادَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّهْيُ هُوَ الْمُرَادِفُ لِلْبُطْلَانِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ وَبَيْنَ الْمَقَابِرِ وَكُلُّ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ لَفْظُ الْمَقْبَرَةِ. وَأَمَّا الْحَمَّامُ فَذَهَبَ أَحْمَدُ إلَى عَدَمِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَا يُصَلِّي فِي حَمَّامٍ وَلَا مَقْبَرَةٍ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَإِلَى ذَلِكَ ذَهَبَتْ الظَّاهِرِيَّةُ. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يُصَلَّيَنَّ إلَى حُشٍّ وَلَا فِي حَمَّامٍ وَلَا فِي مَقْبَرَةٍ» . قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: مَا نَعْلَمُ لِابْنِ

1 / 223