Garden of the Devout
روضة العابدين
Daabacaha
مكتبة الجيل الجديد
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م
Goobta Daabacaadda
صنعاء - اليمن
Noocyada
ومعانيه، وما نسي لذته من تدبر أحكامه وحكمه، وما هجره من ذاق طعمه وخالطت بشاشته قلبه، وما لجأ إليه محزون فقرأه متأملًا متدبرًا إلا انقشعت عن قلبه سحب الأحزان والغموم، ووجد فيه راحته ونعيمه. قال رسول الله ﷺ: (ما أصاب أحدًا قط همٌّ ولا حزن، فقال: اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجِلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله همه وحزنه، وأبدله مكانه فرحًا) (^١).
قوله: "ربيع قلبي: أي: راحته … وجعل القرآن ربيع القلب وهو عبارة عن الفرح؛ لأن الإنسان يرتاح قلبه في الربيع من الأزمان ويميل إليه في كل مكان، وأقول: كما أن الربيع سبب ظهور آثار رحمة الله تعالى وإحياء الأرض بعد موتها، كذلك القرآن سبب ظهور تأثير لطف الله من الإيمان والمعارف، وزوال ظلمات الكفر والجهل" (^٢).
وقد "شبه القرآن بزمان الربيع في ظهور آثار ﵀ وحياة القلب وارتياحه به. قال الشوكاني: أي: أسألك أن تجعل القرآن كالربيع الذي يرتع فيه الحيوان، وكذلك القرآن ربيع القلوب، أي: يجعل قلبه مرتاحًا إلى القرآن مائلًا إليه راغبًا في تلاوته وتدبره، وقيل: أي: منتزهه ومكان رعيه وانتفاعه بأنواره وأشجاره وثماره، المشبه بها أنواع العلوم والمعارف، وأصناف الحِكم والأحكام واللطائف" (^٣).
إن هذا الكتابَ العظيم ما تلاه لسانٌ بالتدبر إلا طاب وحلا، ولا وصل أثره قلبًا إلا صلح وصفا، ولا حل صدرًا إلا انبسط وانشرح، ولا تأمل فيه عقل راجح إلا اتسع
_________
(^١) رواه أحمد (٧/ ٣٤١)، وابن حبان (٣/ ٢٥٣)، وهو صحيح.
(^٢) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، للقاري (٨/ ٣٤٨).
(^٣) مشكاة المصابيح مع شرحه مرعاة المفاتيح، للتبريزي (٨/ ٤٤٥).
1 / 76