Garden of the Devout
روضة العابدين
Daabacaha
مكتبة الجيل الجديد
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م
Goobta Daabacaadda
صنعاء - اليمن
Noocyada
حياة القلب وصحته:
إن القلب يوصف بالحياة والموت، والصحة والمرض؛ فهناك قلب حي وقلب صحيح، وهناك قلب ميت وقلب مريض، كما قال تعالى: ﴿لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [يس: ٧٠]، وقال: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: ١٢٢].
وبحياة القلب وموته يكون الخير والشر من الإنسان؛ فإن" حياة القلب وإضاءته مادة كل خير فيه، وموته وظلمته مادة كل شر فيه" (^١). فـ" إذا قوي نوره وإشراقه انكشفت له صور المعلومات وحقائقها على ما هي عليه، فاستبان حسنَ الحسن بنوره وآثره بحياته، وكذلك قبح القبيح، وقد ذكر ﷾ هذين الأصلين في مواضع من كتابه فقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشورى: ٥٢]. فجمع بين الروح الذي يحصل به الحياة والنور الذي يحصل به الإضاءة والإشراق، وأخبر أن كتابه الذي أنزله على رسوله ﵌ متضمن للأمرين؛ فهو روح تحيا به القلوب ونور تستضيء وتشرق به، كما قال تعالى: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام: ١٢٢] " (^٢).
قال ابن القيم: "والمقصود: أن صلاح القلب وسعادته وفلاحه موقوف على هذين الأصلين [كمال حياته ونوره] قال تعالى: ﴿لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [يس: ٧٠]، فأخبر أن الانتفاع بالقرآن والإنذار به إنما يحصل لمن هو حي القلب،
(^١) إغاثة اللهفان، لابن القيم (١/ ٢٣). (^٢) المصدر السابق (١/ ٢١).
1 / 177