Garden of the Devout
روضة العابدين
Daabacaha
مكتبة الجيل الجديد
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م
Goobta Daabacaadda
صنعاء - اليمن
Noocyada
توبة؟ فقال: لا، فقتله فكمل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم فقال: إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا؛ فإن بها أناسًا يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك؛ فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبًا مقبلًا بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قط، فأتاه ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال: قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة) (^١).
رابعًا: التفكر في الموت ولقاء الله والدار الآخرة، فمن تفكر بأنه لابد عن الدنيا راحل، وأنه لربه سيقابل، وأنه إلى الآخرة صائر؛ فإنه سيعد لرحلته زادًا من التوبة والإنابة.
خامسًا: أن لا يعتقد العاصي التائب أن توبته قد قُبلت فيقلّ خوفه، بل عليه أن يستمر في وجله من آثار معاصيه؛ فإن هذا يحمله على تجديد التوبة دائمًا، والرهبة من العودة إلى خطاياه السالفة.
قال ابن الجوزي: "ينبغي للعاقل أن يكون على خوف من ذنوبه وإن تاب منها وبكى عليها. وإني رأيت أكثر الناس قد سكنوا إلى قبول التوبة، وكأنهم قد قطعوا على ذلك، وهذا أمر غائب، ثم لو غفرت بقي الخجل من فعلها، ويؤيد الخوف بعد التوبة أنه في الصحاح: أن الناس يأتون إلى آدم ﵇ فيقولون: اشفع لنا فيقول: ذنبي، وإلى نوح ﵇ فيقول: ذنبي، وإلى إبراهيم وإلى موسى وإلى عيسى صلوات الله وسلامه عليهم. فهؤلاء إذا اعتبرت ذنوبهم (^٢) لم يكن أكثرها ذنوبًا حقيقة.
(^١) رواه مسلم (٤/ ٢١١٨). (^٢) الحديث في صحيح البخاري (٤/ ١٧٤٥)، صحيح مسلم (١/ ١٨٠) بمعناه، لكن عيسى ﵇ جاء في البخاري: (ولم يذكر ذنبًا).
1 / 160