ذكر الوقعة بين مسيلمة وخالد بن الوليد ومقتل مسيلمة
قال: وسار خالد بن الوليد بالمسلمين حتى نزل بموضع يقال له عقرباء (1) من أرض اليمامة، فضرب عسكره هناك. وسار مسيلمة في جميع بني حنيفة حتى نزل حذاء خالد، فأقاموا يومهم ذلك ينظر بعضهم إلى بعض، فلما كان من غد وثب مسيلمة يعبى أصحابه تعبية الحرب ميمنة وميسرة وقلبا وجناحين (2)، ونظر خالد بن الوليد إلى ذلك فوثب يعبي أصحابه فكان على ميمنته زيد بن الخطاب أخو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعلى ميسرته أسامة بن زيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى الجناح البراء بن مالك أخو أنس بن مالك (3). قال: وسلت بنو حنيفة سيوفها من أجفارها وأبرقوا بها ، ثم إنهم ضجوا ضجة ونعروا نعرة منكرة، فقال خالد: أيها القوم أبشروا! فإن القوم مخذولون إن شاء الله تعالى، وإنما سلوا هذه السيوف ليرهبوكم ولم يفعلوا ذلك إلا جزعا وفشلا، قال: فسمع رجل من بني حنيفة فقال: (4) هيهات والله يا بن الوليد! لكن أبرزناها لكم من أغمادها لتعلموا أنها ليست كسيوفكم الخشنة الكليلة.
قال: ودنا القوم بعضهم من بعض وتقدم خالد بن الوليد في أول القوم ثم قاتل ساعة ورجع إلى أصحابه، وتقدم عمار بن ياسر وفي يده صحيفة له يمانية ثم حمل فلم يزل يقاتل حتى قتل منهم جماعة، وحمل رجل من بني حنيفة فضربه فالتقاها عمار بحجفته فزاحت الضربة عن الحجفة وهوت إلى أذن عمار فرمت بها، فلما بقيت أذن عمار معلقة سقطت على عاتقه، قال: وداخله عمار فضربه ضربة قتله.
قال: ثم تقدم الحارث بن هشام المخزومي أخو أبي جهل بن هشام فجعل يهدر كالفحل، ثم حمل وقاتل قتالا شديدا ورجع إلى موقفه، وتقدم زيد بن الخطاب ثم
Bogga 27