في أوائلهم ضرار بن الأزور فقال لخالد سألتك بحق معبودك أن تقتلني أنت بيدك ولا تدع هذا الشيطان يقتلني فقال خالد: هو قاتلك لا محالة فهز ضرار سيفه وقال: يا عدو الله اين خديعتك من خديعة أصحاب رسول الله ﷺ فقال خالد: اصبر يا ضرار حتى آمرك بقتله ثم وصل إليه أصحاب رسول الله ﷺ فهزوا سيوفهم في وجهه ومرادهم أن يقتلوه ونظر عدو الله إلى ما دهمه فوقع إلى الأرض وهو يشير باصبعه الأمان الأمان فقال لخالد: يا عدو الله لا نعطي الأمان إلا لاهل الأمان وانت اظهرت لنا المكر والخديعة ﴿وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [آل عمران: ٥٤] فلما سمع ضرار كلام خالد لم يمهله دون أن ضربه على عاتقه فخرج السيف يلمع من علائقه ثم أخذ التاج من على رأسه وقال: من سبق إلى شيء كان أولى به وقد أدركته سيوف المجاهدين فقطعوه اربا اربا وتبادروا إلى سيفه فأخذوه ثم أن خالدا قال لأصحابه: إني أريد أن تحملوا على الروم لانهم مشتاقون إلى أصحابهم قال فأخذوا رأس عدو الله وردان وتوجهوا نحو عسكر الروم فلما وصل خالد الصفوف نادى يا اعداء الله هذا راس صاحبكم وردان أنا خالد بن الوليد أنا صاحب رسول الله ﷺ ثم إنه رمى الرأس وحمل عليهم وحمل المسلمون وحمل أبو عبيدة وقال احملوا يا أهل القرآن وحفاظ الدين وحماة المسلمين فلما رأى الروم رأس وردان ولوا الأدبار وركنوا إلى الفرار ولم يزل السيف يعمل فيهم من وقت الصباح إلى الغروب قال عامر بن الطفيل الدوسي كنت مع أبي عبيدة ونحن نتبع المنهزمين إلى طريق غزة إذ اشرف علينا خيل فظننا إنها نجدة من عند الملك هرقل فأخذنا على أنفسنا وإذا بالغبرة قد قربت منا فإذا هي عسكر من ارسلها أبو بكر الصديق وما رأواأحدا من المنهزمين إلا قتلوه ونهبوا ما معه.
قال الواقدي: وكان الروم بأجنادين تسعين الفا فقتل منهم في ذلك اليوم خمسون الفا وتفرق من بقى منهم فمنهم من انهزم إلى دمشق ومنهم من انهزم إلى قيسارية وغنم المسلمون غنيمة لم يغنم مثلها واخذوا منهم صلبان الذهب والفضة فجمع خالد ذلك كله مع تاج وردان إلى وقت القسمة وقال خالد: لست اقسم عليكم شيئا إلا بعد فتح دمشق أن شاء الله تعالى وكانت الوقعة باجنادين ليلة ست خلت من جمادي الأول سنة ثلاث عشرة من الهجرة النبوية وذلك قبل وفاة أبي بكر بثلاث وعشرين ليلة ثم أن خالدا ﵁ كتب كتابا إلى أبي بكر يقول فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من خالد بن الوليد المخزومي إلى خليفة رسول الله ﷺ سلام عليك أما بعد فانيأحمد الله الذي لا إله إلا هو واصلي على نبيه محمد ﷺ وازيد حمدا وشكرا على المسلمين ودمارا على المتكبرين المشركين وانصداع بيعتهم وأنا لقينا جموعهم بأجنادين وقد رفعوا صلبانهم وتقاسموا بدينهم أن لا يفروا ولا ينهزموا فخرجنا إليهم واستعنا بالله ﷿ متوكلين على الله خالقنا فرزقنا الله الصبر والنصر وكتب الله على اعدائنا القهر فقاتلناهم في كل واد وسبسب وجملة منأحصيناهم ممن قتل من المشركون خمسون.
1 / 60