ابن الأم فإذا رأيت الروم فلا تبق عليهم فقال خالد: والله لأسيرن إليهم ثم أخذ اهبته للمسير وعزم أن يسير وحده فركب معه ثلثمائة فارس من فتيان حمير فساروا يومهم ذلك اجمع وارادوا النزول في الأودية ليعلفوا دوابهم ويسيروا ليلتهم إذ نظر خالد بن سعيد إلى أشباح على ذروة جبل هناك عال منيع فقال لأصحابه: إني أرى أشباحا على ذروة هذا الجبل ونحن في هذا الوادي ثم قال كونوا في اماكنكم ثم نزل عن فرسه وتقلد سيفه والتحف بازاره وقال: اعلموا أن القوم ما علموا بنا ولو نظروا إلينا ما ثبتوا في اماكنهم فمن منكم يبذل نفسه ويصنع كما أصنع قالوا: كلنا لك قال فطافوا في الجبل حتى أشرفوا على القوم وهم في أماكنهم فعند ذلك قال خذوهم بارك الله فيكم فأسرع إليهم المسلمون فقتلوا منهم ثلاثين واسروا أربعة فسألهم خالد بن سعيد فإذا هم من انباط الشام عن حالهم فقالوا: نحن من أهل هذا البقيع والجامعة وكفار القرية وقد عظم علينا دخول العرب إلى بلادنا وقد فزعنا منهم فزعا عظيما وقد هرب أكثرنا إلى الحصون والقلاع وقد اعتصمنا نحن بهذا الجبل لانه ليس في الرستاق أحصن منه فعلونا عليه وانتم كبستمونا قال خالد: فما بلغكم عن جيش الروم قالوا: بأجنادين وهذا البطريق أقبل إلينا ليأخذ الميرة والعلوفة وقد جمعوا له الدواب والبغال والحمير تحمل الميرة وهم مع ذلك خائفون أن تلحقهم خيل العرب وهذا خبر قومنا ولا شك إنهم رحلوا من يومهم قال فلما سمع خالد بن سعيد مقالتهم قال غنيمة للمسلمين ورب الكعبة ثم قال: اللهم انصرنا عليهم ثم سأل على أي طريق سار القوم قالوا: على هذه الطريق التي انتم عليها لانها اوسع الطرق كلها واما الميرة فإنها مجموعة من حول البلاد فلما سمع خالد كلامهم قال لهم:
أسلموا فقالوا له: ما نعرف إلا دين الصليب ونحن فلاحين قال فهم خالد بقتلهم فقال رجل من أصحابه دعهم يدلونا على الطريق إلى مسيرة القوم فأجابوهم إلى ذلك وساروا وهم يدلونهم إلى تل عظيم قال فتوافق القوم وهم يحملون دوابهم حول التل ومعهم ستمائة لابس من القوم فلما نظر خالد إلى ذلك قال لأصحابه: اعلموا أن الله قد وعدكم بالنصر على عدوكم وفرض عليكم الجهاد وهذا جيش العدو امامكم فارغبوا في ثواب الله تعالى واسمعوا ما قال الله ﷿ ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ [الصف:٤] وها أنا أحمل فاحملوا ولا يخرج أحد عن صاحبه ثم أن خالدا حمل وحمل أصحابه قال: فلما رأونا استقبلونا وانهزم من كان مع الدواب من الفلاحين وصبرت الخيل لقتالنا ساعة من النهار قال: فبينما ذو الكلاع الحميري يشجع أصحابه ويقول: يا أهل حمير ابواب الجنة فتحت والحور العين قد تزخرفت وإذا بصاحب القوم قد لقيه خالد فعرفه بلامته وحسن زيه قال فاستقبله وصرخ فيه فأرعبه ثم قال: يا لثأر ولدي سعيد وطعنه طعنة صادقة فجندله صريعا كأنه.
1 / 21