Futuuxda Shaam
فتوح الشام
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الأولى ١٤١٧هـ
Sanadka Daabacaadda
١٩٩٧م
ورحمة الله وبركاته ثم طوى الكتاب وسلمه إلى عبد الله بن قرط وقال له: يا ابن قرط إذا اشرفت على المسلمين وقد استوت الصفوف فسر بين صفوف الموحدين وقف على أصحاب الرايات منهم وخبرهم إنك رسولي إليهم وقل لهم أن عمر بن الخطاب يسلم عليكم ويقول لكم: يا أهل الإيمان أصدقوهم الحرب عند اللقاء وشدوا عليهم شد الليوث وأضربوا هاماتهم بالسيوف وليكونوا عليكم أهون من الذباب فانكم المنصورون عليهم أن شاء الله تعالى ثم اقرأ عليهم: ﴿أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: ٥٦] قال عبد الله بن قرط قلت له: يا أمير المؤمنين ادع الله تعالى لي بالسلامة والسرعة في السير.
فقال عمر بن الخطاب ﵁ اللهم احمه وسلمه واطو له البعيد إنك على كل شيء قدير قال عبد الله بن قرط وخرجت من المسجد من باب الحبشة فقلت في نفسي: لقد أخطأت في الرأي إذ لم أسلم على قبر رسول الله ﷺ فما أدري أراه بعد اليوم أم لا قال عبد الله فقصدت حجرة رسول الله ﷺ وعائشة ﵂ جالسة عند قبره وعلى بن ابي طالب كرم الله وجهه والعباس جالسان عند القبر والحسين في حجر علي والحسن في حجر العباس ﵁ وهم يتلون سورة الأنعام وعلي ﵁ يتلو سورة هود فسلمت على رسول الله ﷺ فقال علي ﵁ يا ابن قرط عولت على المسير إلى الشام فقلت: نعم يا ابن عم رسول الله ﷺ وما أظن أن أصل إليهم إلا والجيش قد التقى والحرب دائرة وإذا أشرفت عليهم لا يرون معي مدادا ولا نجدة خشيت عليهم أن يهنوا ويجزعوا وكنت أحب أن أصل إليهم قبل التقائهم بعدوهم حتى أعظهم وأصبرهم فقال علي ﵁ فما منعك أن تسأل عمر بن الخطاب أن يدعو لك أما علمت يا أبن قرط أن دعاءه لا يرد ولا يحجب وأن رسول الله ﷺ قال فيه: "لو كان نبي ثان بعدي لكان عمر بن الخطاب" أليس هو الذي يوافق حكمه حكم الكتاب حتى قال المصطفى ﷺ: "لو نزل من السماء إلى الأرض عذاب ما نجا منه إلا عمر بن الخطاب" أما علمت أن الله تعالى انزل فيه آيات بينات أما هو الزاهد التقى أما هو العابد أما هو المشبه بنوح النبي فإن كان هو قد دعا لك فقد قرن دعاؤه بالإجابة فقال عبد الله بن قرط ما ذكرت شيئا إلا وأنا عارف به من فضل عمر بن الخطاب ﵁ ولكني أردت الزيادة من دعائك ودعاء العباس عم رسول الله ﷺ ولا سيما عند قبر الرسول المعظم المكرم قال فرفع العباس ﵁ عند يديه وعلي ﵁ كذلك وقالا: اللهم أنا نتوسل بهذا النبي المصطفى والرسول المجتبى الذي توسل به آدم فأجبت دعوته وغفرت خطيئته إلا سهلت على عبد الله طريقه وطويت له البعيد وأيدت أصحاب نبيك بالنصر إنك سميع الدعاء ثم قال: سر يا عبد الله بن قرط فالله تعالى اكرم من أن يرد دعاء عمر وعباس وعلي.
1 / 168