على العارف غفلة عن حفظ ما خلق عدم ذلك المخلوق ؛ إلا أن يكون العارف قد ضبط جميع الحضرات وهو لا يغفل مطلقا ، بل لا بد من حضرة يشهدها فاذا خلق العارف بهمته ما خلق وله هذه الإحاطة ظهر ذلك الخلق بصورته(1) في كل حضرة ، وصارت الصور يحفظ بعضها بعضا . فإذا غفل العارف عن حضرة ما أو عن حضرات وهو شاهد حضرة ما من الحضرات ، حافظ لما فيها امن صورة خلقه ، انحفظت(2) جميع الصور بحفظه تلك الصورة الواحدة في الحضرة(3) التي ما غفل عنها، لأن الغفلة ما تعم قط لا في العموم ولا في الخصوص.
وقد أوضحت هنا سرا لم يزل أهل الله(4) يغارون على مثل هذا أن يظهر لما فيه من رد دعواهم أنهم الحق ؛ فإن الحق لا يغفل والعبد لا بد له أن يغفل عن شيء دون شيء . فمن حيث الحفظ لما خلق له أن يقول " أنا الحق ، ولكن ما حفظه ها حفظ الحق : وقد بينا الفرق . ومن حيث ما غفل عن صورة ما وحضرتها فقد تميز العبد من الحق . ولا بد أن يتميز مع بقاء الحفظ لجميع الصور بجفظه صورة واحدة منها في الحضرة التي ما غفل عنها . فهذا حفظ بالتضمن وحفظ الحق ما خلق ليس كذلك (29 -1) بل حفظه لكل صورة على التعيين.
وهذه مسألة أخبرت أنه ما سطرها أحد في كتاب لا أنا ولا غيري إلا في هذا الكتاب: ففي يتيمة الدهر وفريدته . فإياك أن تغفل عنها فإن تلك الحضرة التي يبقى لك الحضور فيها مع (5) الصورة، مثلها مثل الكتاب الذي قال الله فيه "ما فرطنا في الكتاب من شيء" فهو الجامع للواقع وغير الواقع . ولا يعرف ما قلناه إلا من كان
Bogga 89