3 - فص حكمة سبوحية في كلمة نوحية
اعلم أيدك(1) الله بروح منه(1) أن التنزيه عند أهل الحقائق في الجناب الإلهي عين التحديد (2) والتقييد . فالمنزه إما جاهل وإما صاحب سوء آدب . ولكن إذا أطلقاه وقالا به ، فالقائل بالشرائع المؤمن إذا نزه ووقف عند التنزيه ولم ير غير ذلك فقد أساء (3) الأدب وأكذب الحق والرسل صلوات الله عليهم وهو لا يشعر ، ويتخيل أنه في الحاصل وهو من الفائت(4) . وهو كمن آمن ببعض وكفر ببعض ، ولا سيما وقد علم أن ألسنة الشرائع الإلهية إذا نطقت في الحق تعالى بما نطقت إنما جاءت به في العموم على المفهوم الأول ، وعلى الخصوص على كل مفهوم يفهم من وجوه ذلك اللفظ باي لسان كان في وضع (5) ذلك اللسان . فإن للحق في كل خلق ظهورا(6) : فهو الظاهر في كل مفهوم ، وهو الباطن عن كل فهم إلا عن فهم من قال إن العالم صورته وهويته : وهو الاسم الظاهر ، كما أنه بالمعنى روح ما ظهر ، فهو الباطن . فنسبته لما ظهر من صور العالم نسبة الروح (16 .-ب) المدبر للصورة (7) . فيؤخذ في حد الإنسان مثلا ظاهره وباطنه ، وكذلك كل محدود . فالحق محدود بكل حد ، وصور العالم لا تنضبط ولا يحاط (8) بها ولا تعلم حدود كل صورة منها إلا على قدر ما حصل لكل عالم من صورته(9) . فلذلك(10) يجهل حده الحق ، فإنه لا يعلم حده إلا بعلم حد كل صورة ، وهذا(11) محال حصوله : فحد الحق محال.
Bogga 68