فهو تعالى مع نفسه حيثما مشى (1بنا من صراطه. فما أحد من العالم الا على صراط مستقيم ، وهو صراط الرب تعالى. وكذا علمت: بلقيس من سليمان فقالت لله رب العالمين " وما خصصت عالما من عالم (68-ب) . وأما التسخير الذي اختص به سليمان وفضل به غيره وجعله(2) الله له من الملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده فهو كونه عن أمره . فقال " فسخرنا له الريح تجري بأمره". فما هو من كونه تسخيرا ، فإن الله يقول في حقنا كلنا من غير تخصيص "وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه " . وقد ذكر تسخير الرياح والنجوم وغير ذلك ولكن لا عن أمرنا بل عن (3) أمر الله . فما اختص سليمان - إن عقلت - إلا بالأمر من غير جمعية ولا همة ، بل بمجرد الأمر . وإنما قلنا ذلك لأنا نعرف أن أجرام العالم تنفعل لهمم (4) النفوس إذا أقيمت في مقام الجمعية . وقد عاينا ذلك في هذا الطريق. فكان من سليمان مجرد التلفظ بالأمر لمن أراد تسخيره من غير همة ولا جمعية . واعلم أيدنا الله وإياك بروح منه ، أن مثل هذا العطاء إذا حصل للعبد أي عبد كان فإنه لا ينقصه(5) ذلك من ملك آخرته ، ولا يحسب عليه ، مع كون سليمان عليه السلام طلبه من ربه تعالى . فيقتضي ذوق الطريق أن يكون قد عجل له ما ادخر (6) لغيره ويحاسب: به إذا أراده في الآخرة . فقال الله له" هذا عطاؤنا * ولم يقل لك ولا لغيرك ، "فامنن" أي أعط أو أمسك بغير حساب " . فعلمنا من ذوق الطريق أن سؤاله ذلك كان عن أمر ربه . والطلب إذا وقع عن الأمر الإلهي كان الطالب (7) له الأجر التام على طلبه . والباري تعالى إن شاء (69 -1) قضى حاجته فيما طلب(8) منه وإن شاء
Bogga 158